كتاب الصلاة - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

والخلف، وخالف جميع فرق الفقهاء، وشذَّ عنهم. ولا يكون إمامًا في العلم من أخذ بالشَّاذِّ من العلم (¬١).
وقد أوْهَمَ في كتابه (¬٢) أنَّ له سلفًا من الصحابة والتابعين، تجاهلًا منه أوجهلًا. فذكر عن ابن مسعود، ومسروق، وعمر بن عبدالعزيز في قوله: {أَضَاعُوا الصَّلَاةَ} [مريم/٥٩]: "أنَّ ذلك عن مواقيتها، ولو تركوها لكانوا بتركها كفَّارًا" (¬٣). وهو لا يقول بتكفير (¬٤) تارك الصَّلاة عمدًا إذا أبى إقامتها، ولا يقتله إذا كان مقرًّا بها؛ فقد خالفهم فكيف يحتجُّ بهم!
على أنَّه معلومٌ أنَّ من قضى الصلاة فقد تاب من تضييعها، قال تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه/٨٢].
ولا تصحُّ (¬٥) لمضيِّع الصَّلاة توبةٌ إلَّا بأدائها، كما لا تصحُّ التَّوبة من دَيْن الآدمي إلَّا بأدائه. ومن قضى صلاةً فرَّط فيها فقد تاب وعمل
---------------
(¬١) هذه العبارة طرفٌ من قولٍ مأثورٍ عن ابن مهديٍّ، أسنده إليه ابن عبدالبر في جامع بيان العلم (٢/ ٨٢٠) وغيره.
(¬٢) يُنْظَر: المحلَّى لابن حزم (٢/ ٢٤٠ - ٢٤١) ولكن ليس فيه شيءٌ عن مسروق.
(¬٣) أثر ابن مسعودٍ لم أره في تفسير هذه الآية عينها. بل قيل له: إنَّ الله يكثر ذكر الصلاة في القرآن، {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} و {عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} و {عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} فذكر نحو ماذكر. أخرجه ابن جرير (١٥/ ٥٦٩)، والطبراني في الكبير (٩/ ١٩٠)، وابن أبي شيبة (٣٢٢٩)، وغيرهم، من طرقٍ عن ابن مسعود رضي الله عنه به.
(¬٤) "بتكفير" سقطت من ض.
(¬٥) س: "ولا يصح".

الصفحة 160