كتاب الصلاة - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

فَنَسِيَهُمْ} [التوبة/٦٧] الى آخره (¬١). فنَعَم، لعمرالله (¬٢) إنَّ النسيان في القرآن على وجهين: نسيان تركٍ، ونسيان سهوٍ. ولكن حمل الحديث على نسيان التَّرك عمدًا باطلٌ (¬٣)؛ لأربعة أوجهٍ (¬٤):
أحدها: أنَّه قال: "فليصلِّها إذا ذكرها". وهذا صريحٌ في أنَّ النِّسيان في الحديث نسيان سهوٍ، لا نسيان عمدٍ؛ وإلَّا كان قوله: "إذا ذكرها" كلامًا (¬٥) لا فائدة فيه؛ فالنِّسيان إذا قُوْبِل بالذِّكر لم يكن إلَّا نسيان سهو، كقوله تعالى: {وَاذْكُرْ (¬٦) رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف/٢٤]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا نسيت فذكِّرُوني" (¬٧).
الثَّاني: أنَّه قال: "فكفَّارتها أنْ يصلِّيها إذا ذكرها". ومعلومٌ أنَّ من تركها عمدًا لا يكَفِّرُ عنه فعلُها بعد الوقت إثمَ التَّفويت. هذا ممَّا (¬٨) لا
---------------
(¬١) هـ وط: "الخ".
(¬٢) س: "لعمروالله".
(¬٣) س: " .. التَّرك أنَّه أولى باطلٌ".
(¬٤) ض: "وجوه".
(¬٥) س: "كلام".
(¬٦) هـ: (فاذكُر).
(¬٧) أخرجه البخاري (٤٠١)، ومسلم (٥٧٢)، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، في قِصَّة سهوه - صلى الله عليه وسلم - في صلاته.
(¬٨) ض وس: "هذا ما".

الصفحة 165