كتاب الصلاة - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
سِرْتُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلمَّا كان من (¬١) آخر اللِّيل عرَّسنا، فلم نستيقظ حتى أيقظتنا (¬٢) الشمس، فجعل الرجل يقوم دَهَشًا (¬٣) إلى طهوره. فأمَرَهم النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنْ يسكنوا، ثم ارتحل، فسرْنا حتى إذا ارتفعت الشمس توضَّأ، ثمَّ أمر بلالًا فأذَّن، ثمَّ صلَّى الركعتين قبل الفجر، ثم أقام، فصلَّينا. فقالوا: يارسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ألَا نعيدها في وقتها من الغد؟ قال: "أينهاكم (¬٤) ربُّكم تبارك وتعالى عن الرِّبا، ويقبله منكم! ".
قال الحافظ أبوعبدالله محمد بن عبدالواحد المقدسي (¬٥): "وفي هذا دليلٌ على ما قال البخاري؛ لأنَّ عمران بن الحصين كان حاضرًا، ولم يذكر ما قال عبدالله بن رباح عن أبي قتادة".
وعندي أنَّه لا تعارض (¬٦) بين الحديثين، ولم يأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإعادتها من الغد، وإنَّما الذي أَمَرَ به فعلَ الثانية في وقتها، وأنَّ الوقت لم يسقط بالنَّوم والنِّسيان، بل عاد إلى ما كان عليه. والله أعلم.
---------------
(¬١) ض وس: "في".
(¬٢) ط: "العصنا". تحريفٌ!
(¬٣) قال الفيومي في المصباح (١/ ٢٠٢): "دَهِشَ دَهَشًا، من باب تَعِب: ذهب عقله حياءً أو خوفًا".
(¬٤) س: "أنهاكم".
(¬٥) في كتابه: "السُّنن والأحكام" (١/ ٢٨٣).
(¬٦) س: "يعارض".