كتاب الصلاة - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
ومن فرَّق بين المرتدِّ وبين تارك الصَّلاة في الاستتابة؛ فاستتاب المرتدَّ دون تارك الصلاة، كإحْدى الرِّوايتين عن مالك يقول (¬١): الظَّاهر أنَّ المسلم لا يترك دينه إلَّا لشُبْهةٍ عَرَضَت له، تمنعه البقاء عليه؛ فيُسْتَتاب رجاء زوالها.
والتَّارك للصَّلاة مع إقراره بوجوبها عليه لا مانع له، فلا يُمهل (¬٢).
قال المستتيبون له: هذا قُتِل لترك واجبٍ شُرِعت له الاستتابة، فكانت واجبةً، كقتل الرِّدَّة.
قالوا: بل الاستتابة ههنا (¬٣) أولى؛ لأنَّ احتمال رجوعه أقرب؛ لأنَّ التزامه للإسلام يحمله على التوبة، ممَّا يخلِّصه من العقوبة في الدنيا والآخرة (¬٤).
وهذا القول هو الصَّحيح؛ لأنَّ أسوأ أحواله أن يكون كالمرتدِّ. وقد اتَّفق الصَّحابة على قبول توبة المرتدِّين ومانعي الزَّكاة، وقد قال تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال/٣٨]. وهذا يعمُّ المرتدَّ وغيره.
---------------
(¬١) بنحوه في الإشراف لعبدالوهاب البغدادي (٢/ ٨٤٨).
(¬٢) س: "فهل يمهل".
(¬٣) ض وس: "بل ههنا". هـ: "استتابته .. ".
(¬٤) س: "عقوبة الدنيا والآخرة".