كتاب الصلاة - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وهذا هو الصَّحيح في الدَّليل؛ فإنَّ صلاة العيد من أعظم (¬١) شعائر الإسلام الظَّاهرة، ولم يكن يتخلَّف عنها أحدٌ من أصحاب (¬٢) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا تركها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّةً واحدةً.
ولو كانت سُنَّةً لتَرَكها ولو مرَّةً واحدةً (¬٣)، كما تَرَك قيام رمضان؛ بيانًا لعدم وجوبه، وترك الوضوء لكلِّ صلاةٍ؛ بيانًا لعدم وجوبه، وغير ذلك. وأيضًا فإنَّه سبحانه وتعالى أمر بالعيد كما أمر بالجمعة، فقال: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر/٢] (¬٤).
وأَمَر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الصَّحابة أنْ يغدوا إلى مصلَّاهم لصلاة العيد بعد أنْ فات وقتها (¬٥)، وثَبَت الشَّهر بعد الزَّوال (¬٦).
---------------
(¬١) س: "العيدين من .. "، ط: "أعاظم".
(¬٢) س: "الصحابة".
(¬٣) "ولو مرة واحدة" ليست في ض.
(¬٤) وجه الدلالة ههنا أنَّ جمعًا من المفسِّرين ذهبوا إلى أنَّ المراد بقوله: {فَصَلِّ}: صلاة العيد، ومن هؤلاء: سعيد بن جبير، وقتادة، ومجاهد، وعطاء، وعكرمة. يُنْظَر في ذلك: تفسير ابن جرير (٢٤/ ٦٩٣ - ٦٩٥)، والدُّر المنثور للسيوطي (١٥/ ٧٠٥ - ٧٠٦).
(¬٥) س: "أن يعودوا .. ". وكلمة: "وقتها" ليست في س.
(¬٦) يشير إلى ما أخرجه أحمد (٥/ ٥٧)، وأبو داود (١١٥٧)، والنسائي (١٥٥٨)، وابن ماجه (١٦٥٣)، وغيرهم، من حديث أبي عمير بن أنسٍ عن عمومةٍ له من أصحابه - صلى الله عليه وسلم -: "أنَّ قومًا رأوا الهلال فأتوا النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فأمرهم أن يفطروا بعدما ارتفع النهار .. الحديث". وقد صحَّحه إسحاق، وابن المنذر، وابن السَّكن، والخطَّابي، وغيرهم. ... =

= وقد أعلَّه ابن القطَّان في بيان الوهم (٢/ ٥٩٧) بجهالة أبي عميرٍ. وأجيب عن هذه العِلَّة بمعرفة الرَّاوي عند من صحَّح له، وتوثيق ابن سعد وابن حبَّان. ويُنْظَر: فتح الباري لابن رجب (٨/ ٤٦٢)، والمحرَّر لابن عبدالهادي (١٧٦)، والبدر المنير لابن الملقِّن (٥/ ٩٥)، والتلخيص الحبير (٢/ ٨٧)، وإرواء الغليل (٦٣٤).

وأخرجه ابن حبَّان (٣٤٥٦)، والضِّياء في المختارة (٧/ ١٠٤)، وغيرهما، من حديث سعيد بن عامر عن شعبة عن قتادة عن أنسٍ رضي الله عنه نحوه.
وقد أعلَّه البخاري بما قبله ووهَّم سعيدًا فيه، كما في علل الترمذي (١/ ٣٣٤)، وأبوحاتمٍ في علل ابنه (٤٠٢)، والبزَّار (كشف/٨٧٢)، والدَّارقطني في علله (٢٥٢٣)، وابن حجر في إتحاف المهَرة (١٦/ ٧٦٠).

الصفحة 32