كتاب الصلاة - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وقال موسى لفرعون: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ} [الإسراء/١٠٢]. وقال تعالى عن اليهود: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة/١٤٦].
وأبلغ من هذا قول النَّفَرَ من اليهود لمَّا جاؤوا إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وسألوه عمَّا دلَّهم (¬١) على نبوَّتِه، فقالا: نشهد أنَّك نَبيٌّ، فقال: "ما يمنعكما من اتِّباعي؟ " قالا: إنَّ داود دعا أنْ لا يزال (¬٢) في ذُرِّيَّته نبيٌّ، وإنَّا نخاف إنِ اتَّبعناك أنْ تقتلنا يهود (¬٣) (¬٤).
فهؤلاء قد أقرُّوا بألسنتهم إقرارًا مطابقًا لمعتقدهم أنَّه نبيٌّ، ولم يدخلوا بهذا التَّصديق والإقرار في الإيمان؛ لأنَّهم لم يلتزموا طاعته
---------------
(¬١) هـ وط: "النفرين اليهوديين لما جاءا .. وسألاه عما دلهما". والنفر في لغة العرب جماعة الرجال من ثلاثة إلى عشرة. كما في المصباح (٢/ ٦١٧) وينظر درة الغواص للحريري (٤٤).
(¬٢) ض: "أن يزال".
(¬٣) هـ: "يقتلنا .. ". ط: " .. اليهود".
(¬٤) أخرجه أحمد (٤/ ٢٣٩)، والنسائي (٤٠٧٨)، والترمذي (٢٧٣٤)، وابن ماجه مختصراً (٣٧٠٥)، والضِّياء في المختارة (٨/ ٢٨)، والحاكم (١/ ٥٢)، وغيرهم، من حديث صفوان بن عسال رضي الله عنه. قال الترمذي: "حسن صحيحٌ"، وقال ابن الملقِّن في البدر (٩/ ٤٨): "بأسانيد صحيحة"، وقال الحافظ في التلخيص (٤/ ٩٣): "بإسنادٍ قوي".

الصفحة 65