كتاب الصلاة - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
والانقياد لأمره.
ومن هذا كفر أبي طالب؛ فإنَّه عَرَف حقيقة المعرفة أنَّه صادقٌ، وأقرَّ بذلك بلسانه، وصرَّح به في شعره، ولم يدخل بذلك في الإسلام.
فالتَّصديق إنَّما يتمُّ بأمرين:
أحدهما: اعتقاد الصِّدق. والثَّاني: محبَّة القلب وانقياده (¬١).
ولهذا قال تعالى لإبراهيم: {قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} [الصافات/١٠٥]. وإبراهيم كان معتقدًا لصِدْق رؤياهُ من حين رآها؛ فإنَّ رؤيا الأنبياء وحيٌ، وإنَّما جعله مصدِّقًا لها بعد أنْ فعل ما أُمِر به.
وكذلك قول النَّبيِّ (¬٢) - صلى الله عليه وسلم -: "والفَرْج يصدِّق ذلك أو يكذِّبه" (¬٣). فجَعَل التَّصديق عَمَل الفَرج ما تمنَّى القلب (¬٤)، والتَّكذيب تركه لذلك. وهذا صريحٌ في أنَّ التَّصديق لا يصحُّ إلَّا بالعمل.
وقال الحسن: "ليس الإيمان بالتمنِّي، ولا بالتحلِّي، ولكن ما وَقَر
---------------
(¬١) س: "والقياد".
(¬٢) هـ وط: "قوله - صلى الله عليه وسلم -".
(¬٣) أخرجه البخاري (٦٢٤٣)، ومسلم (٢٦٥٧) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(¬٤) س: "ما تمنَّاه"، ط: "ما يتمنَّى".