كتاب الصلاة - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [البقرة/٨٤ - ٨٥].
فأخبر سبحانه أنَّهم أقرُّوا بميثاقه الذي أمرهم به، والتزموا به. وهذا يدلُّ على تصديقهم به؛ أنَّهم لا يقتل بعضهم بعضًا، ولا يخرج بعضهم بعضًا من ديارهم. ثمَّ أخبر (¬١) أنَّهم عصوا أمره، وقتل فريقٌ منهم فريقًا، وأخرجوهم من ديارهم؛ فهذا كُفْرُهم بما أَخَذَ عليهم في الكتاب. ثمَّ أخبر أنَّهم يفدون مَنْ أُسِر من ذلك الفريق، وهذا إيمانٌ منهم بما (¬٢) أَخَذَ عليهم في الكتاب؛ فكانوا مؤمنين بما عملوا به من الميثاق، كافرين بما تركوه منه.
فالإيمان العملي يضادُّه (¬٣) الكفر العملي، والإيمان الاعتقادي يضادُّه الكفر الاعتقادي.
وقد أعلن النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بما قلناه في قوله في الحديث الصَّحيح: "سباب المسلم فُسُوقٌ وقتاله كفرٌ" (¬٤). ففرَّق بين سِبَابِه وقتالِه (¬٥)، وجعل أحدَهما فُسُوقًا لا يكفر به، والآخر كفرًا.
---------------
(¬١) س: "وأخبر".
(¬٢) هـ وط: "لما".
(¬٣) ض: "يضاد". وليس في س: "العملي".
(¬٤) تقدم تخريجه (ص/٨١) وأنه في الصحيحين.
(¬٥) هـ وط: "قتاله وسبابه".

الصفحة 91