كتاب الصلاة - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: المقدمة)

* وممَّا ترك المؤلِّف رحمه الله الجواب عليه ما قد يحتجُّ به بعض القائلين بعدم كفر تارك الصلاة، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لم يعملوا خيرًا قط»، وهو الوارد في شفاعة المؤمنين وخروجهم من النَّار يوم القيامة.
وفي لفظٍ من ألفاظ هذا الحديث: «وإذا رأوا أنَّهم قد نجوا في إخوانهم يقولون: ربَّنا، إخواننا كانوا يصلُّون معنا ويصومون معنا ويعملون معنا ـ وفي روايةٍ: ويحجُّون معنا ـ فيقول الله تعالى: اذهبوا فمَنْ وجدتم في قلبه مثقال دينارٍ من إيمانٍ، فأخرجوه، ويحرِّم الله صُوَرَهم على النَّار، فيأتونهم، وبعضهم قد غاب في النَّار إلى قدمه، وإلى أنصاف ساقيه فيخرجون من عَرَفوا، ثُمَّ يعودون، فيقول: اذهبوا فمَن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينارٍ فأخرجوه، فيخرجون مَن عرفوا، ثُمَّ يعودون، فيقول: اذهبوا فمَنْ وجدتم في قلبه مثقال ذرَّةٍ من إيمانٍ فأخرجوه، فيخرجون مَن عَرَفوا». إلى أن قال: «فيشفع النبيون والملائكة والمؤمنون، فيقول الجبَّار: بقِيَت شفاعتي، فيقبض قبضةً من النَّار فيخرج أقوامًا قد امتَحَشُوا (¬١)، فيُلْقَون في نهرٍ بأفواه الجنَّة، يُقَال له «ماء الحياة»، فينبتون في حافتَيْه كما تنبت الحِبَّة في حميل السَّيل .. ». إلى أن قال: «فيدخلون الجنة، فيقول أهل الجنَّة: هؤلاء عتقاء الرَّحمن،
_________
(¬١) أي: احترقوا، والمَحْشُ: احتراق الجِلد وظُهور العَظم، كما في النهاية لابن الأثير (٤/ ٣٠٢) وغيره.

الصفحة 21