كتاب الأحكام الصغرى (اسم الجزء: 1)

فَخَطَب الناس وقال: "إنَّ دِمَاءكُمْ وأموالَكُم حرامٌ عليكم، كحُرْمَةِ يومِكُمْ هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، أَلا كُلُّ شيءٍ من أمر الجاهلية تحتَ قَدَمي موضُوعٌ، ودمَاءُ الجاهليةِ موضوعةٌ وإن أوَّلَ دمٍ أضع من دِمائنا دَمُ ابن ربيعَةَ
ابن الحارث كان مُسترضِعاً في بني سعدٍ فَقَتَلَتْهُ هذيلٌ، ورِبَا الجاهليَّةِ موضوعةٌ (¬1)، وأَوَّلُ ربًا أَضعه (¬2) رِبَانَا، رِبَا عبَّاسِ بن عبد المطلب فإِنَّهُ موضوعٌ كُلُّهُ. فاتقوُا الله في النِّساء فإنَّكُمْ أخذتُمُوهُنَّ بأَمانِ الله، واستحللتُمْ فروجَهُنَّ بكلمَةِ الله، ولكم عليهنَّ ألا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أحداً تكرَهُونَهُ. فإِنْ فَعلْنَ ذلك فاضربُوهُنَّ ضرباً غير مُبَرِّحٍ، ولهن عليكم رزقهُنَّ وكسوتهن بالمعروفِ، وقَدْ تركت فيكم ما لن تضلوا بعدهُ أن اعتصمتُمْ بِهِ كتِابَ الله، وأنْتم تسأْلُونَ عنِّي فما أنتمُ قائِلوُنَ؟ " قالوا: نشهدُ أنَّكَ قد بلَّغْتَ وأديْتَ ونصَحْتَ، فقال بإصبعِهِ السَّبَّابَةِ يرفَعُهَا إلى السماءِ، ويْنكتُهَا إلى النَّاسِ "اللهم اشهد، اللهم اشهد" ثلاث مرات ثم أذَّنَ، ثم أقام، فصلَّى الظهر، ثم أقام فصلّى العصر، ولم يُصَلِّ بينهُمَا شيئاً، ثم رَكِبَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى الموقِفَ فجعل بطنَ ناقتِه القصواءِ إلى الصَّخَرَاتِ وجعل جَبْلَ المشاة بين يديه واستقَبل القبلَةَ فلم يزل واقفاً حتى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وذهبتِ الصُّفْرةُ قليلاً حتى غاب القُرْصُ واردَفَ أُسَامَة بن زيد خَلْفَهُ ودفع رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وقد شَنقَ للقصْوَاءٍ الزِّمَامَ حتى إنَّ رأسَهَا ليُصِيبُ مورك رجْلِهِ ويقولُ بيده اليمنىِ: "أيها النَّاس! السكينَةَ السكينَةَ" كُلَّمَا أتى حَبْلاً من الحبَالِ أرخى لها قليلاً، حتى تصْعَدَ، حتى أتى المُزْدَلِفَةَ فصلى بها المغرِبَ والعشاءَ بأذانٍ واحدٍ وإقامتين، ولم يُسبح بينهما شيئاً، ثم اضطجَعَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى طلع الفجر فصلى الفجر حين تبين لهُ الصبح بأذانٍ وإقامةٍ، ثم رَكِبَ القَصْواءَ حتى أتى المشعَرَ الحرامَ، فاستقبلَ القبلةَ فدعاهُ وكبرهُ وهلّلهُ ووحَّدَهُ فلم يزل واقفاً حتى أسفر
¬__________
(¬1) في مسلم: (وربا الجاهلية موضوع).
(¬2) في مسلم: (وأول رباً أضع).

الصفحة 424