كتاب الأحكام الصغرى (اسم الجزء: 2)

فروةُ بن نُفاثَةَ الجُذَامّي، فلما التقى المسلمون والكفَّارُ ولَّى المسلمون مدبرين. فطفق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَركُضُ بغلتَهُ قبل الكفار، قال العباس: وأنا آخِذٌ بخطام (¬1) بغلةِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكفّها إرادةَ ألا تسرع وأبو سفيان آخِذ بركَابِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقَال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أي عَباسُ! نادِ أصحاب السَّمُرةِ" فقال عباس: (وكان رجلًا صيتاً): فقلتُ بأعلى صوتي: أين أصحابُ السَّمُرةِ، قال: والله لكأن عَطْفَتَهُم حين سمعوا صوتي عطفةُ البقر على أولادِهَا، فقالوا: يا لبَّيْك يا لبَّيْك! قال: فاقتتلُوا والكُفَّار والدَّعوَةُ في الأنصارِ يقولون: يا معشر الأنصار (¬2)! ثم قُصِرَتِ الدعوةُ علي بني الحارث بن الخزرَجِ (¬3)، فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على (¬4) بغلته كالمُتَطَاوِلِ عليها، إلى قتالِهِم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هذا حِينَ حَمِيَ الوَطِيسُ"، قال: ثم أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حصياتٍ فرمى بهن وجوه الكُفار، ثم قال: "انهزَمُوا ورب محمدٍ"، قال: فذهبتُ أنظر، فإذا القتالُ على هيئتِهِ فيما أرى، قال: فوالله ما هو إلا أن رماهم بحصياتِهِ فما زِلتُ أرى حدَّهم كلِيلاً وأمرهم مُدْبِراً.
وعن سلمة بن الأكوع (¬5)، في هذا الحديث قال: فلما غَشُوا (¬6) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نزل عن البغلةِ ثم قبض قبضةً من تُرابِ الأرض (¬7)، ثم استقبل بها (¬8) وجوههم فقال: "شاهتِ الوُجُوهُ" فما خلق الله منهم إنساناً
¬__________
(¬1) مسلم: (بلجام).
(¬2) في مسلم مكررة.
(¬3) مسلم: (فقالوا: يا بن الحارث بن الخزرج! يا بني الحارث بن الخزرج).
(¬4) مسلم: (وهو على).
(¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (81)
(¬6) غشوا: أي أتوه من كل جانب.
(¬7) مسلم: (من تراب من الأرض). والأرض ليست في (ف).
(¬8) مسلم: (به). وكذا (ف).

الصفحة 541