مسلم (¬1)، عن أبي هريرة، قال: أقْبَلَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قدِمَ مكَّةَ، فَبَعثَ الزبير على إحدى المُجَنبتَيْنِ (¬2) وبعث خالدًا على المجنبةِ الأخرى، وبعث أبا عبيدةَ على الحُسَّرِ (¬3)، فأخذوا بطنَ الوادي، ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في كتيبةٍ قال: فَنَظرَ فرآني فقال: "أبو هريرةَ " فقلتُ: نعم (¬4)، لبيك رسول الله (¬5)، لبيك رسول الله، فقال: "لا يأتينى إلا أنصاريٌّ" قال: فأطافُوا بِهِ ووبَّشَتْ (¬6) قريش أوبَاشًا لها وأتباعًا، فقالُوا: نُقَدِّمُ هؤلاءِ، فإن كان لهم شيءٌ كُنا معهم، فإن أصيبوا أعْطَيْنَا الذي سُئِلْنَا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تَرَوْنَ إلى أوْبَاشِ قريش وأتباعِهِمْ" ثم قال بيديه (¬7): إحداهُما على الأخرى ثم قال: "حتى تُوافُوني بالصَّفَا" قال: فانطلقنا فما شَاءَ أحدٌ منّا أن يَقْتُلَ أحدًا إلا قَتَلَهُ، وما أحدٌ منهم يُوَجِّهُ إلينا شيئًا، قال: فجاء أبو سُفيانَ فقأل: يا رسولَ اللهِ أُبيحَتْ خَضْرَاءُ قريشٍ، لا قرَيْشَ بَعْدَ اليومِ، ثم قال: "من دخل دَارَ أبي سُفيانَ فهو آمِنٌ" فقالت الأنصار بعضهم لبعض: أمَّا الرجُلُ فأدركَتْهُ رغْبَةٌ في قَرْيَيهِ ورافَة بعشيرَتِهِ، قال أبو هريرة: وجاء الوَحْيُ وكان إذا جاءَ (¬8) لا يَخْفَى علينا، فإذا جَاءَ فَلَيْسَ أحد يرفَعُ طرفَهُ إلى رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى ينقضى الوحيُ، فلما قضى (¬9) الوحيُ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا معشر الأنصَارِ" قالوا: لبَّيْكَ يا رسُولَ اللهِ، قال: "قلتم: أمَّا الرجُلُ فأدركَتْهُ رغبةٌ في قريتهِ" قالوا: قد كان
¬__________
(¬1) مسلم: (3/ 1405) (32) كتاب الجهاد والسير (31) باب فتح مكة - رقم (84).
(¬2) المجنتين: اليمنة والميسرة.
(¬3) الحسر: أي الذين لا دروع لهم.
(¬4) (نعم): ليست في مسلم.
(¬5) مسلم: (لبيك يا رسول الله)، ولم تكرر، وكذا (ف).
(¬6) أي جمعت جموعًا من قبائل شتى.
(¬7) (د): (بيده).
(¬8) مسلم: (وكان إذا جاء الوحى).
(¬9) مسلم: (انقضى).