كتاب الأحكام الصغرى (اسم الجزء: 2)

ذلك (¬1)، قال: "كلَّا إنِّي عبد الله ورسُولُهُ هاجرتُ إلى الله وإليكم، المحيا محياكُمْ والمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ" فأقبلوا إليه يبكُونَ ويقولون: والله ما قُلنا الذي قُلنا إلا الضِّنَّ (¬2) باللهِ وبرسولِهِ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله ورسوله يُصَدِّقانِكُمْ ويَعْذِرَانِكُمْ" قال: فأقبَلَ النَّاسُ إلى دارِ أبي سُفيان وأغلقَ النَّاس أبوابَهُمْ، قال: وأقبل رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حتى أقبل إلى الحَجَرِ، فاستَلَمهُ، ثم (¬3) طاف بالبيتِ، قال: فأتى على صنمٍ إلى جنبِ البيتِ كانوا يعبدُونهُ، قال: وفي يَدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوسٌ، وهو آخِذٌ بِسِيَةِ القَوْسِ (¬4) فلما أتى على الصنم جعل يطعن (¬5) في عينيه ويقول: "جاء الحقُّ وزَهَقَ الباطِلُ"، فلما فَرَغَ من طَوَافِهِ أتى الصفا (¬6) فعلا عليه حتى نظر إلى البيتِ فرفع يديه فجعل يحمد الله ويدعُو ما شَاءَ أن يَدعُوَ.
وفي أخرى (¬7): "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقى السِّلاحَ فهو آمِنٌ، ومن أغْلَقَ بَابَهُ فهو آمِنٌ".
وفيها: "قلتم أمَّا الرَّجُلُ قد أخذته (¬8) رأفةٌ بعشيرتِهِ ورغبةٌ في قريتهِ ألا فما (¬9) اسمى إذًا! (ثلاث مرات)، أنا محمد عبد الله ورسوله".
وقال النسائي (¬10) في هذا الحديث: ولجأت صناديد قريش وعظماؤها إلى الكعبة، يعني دخلوا فيها، قال: فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى طاف
¬__________
(¬1) مسلم: (ذاك).
(¬2) (ف): (الظن) ومعنى الضن: الشح.
(¬3) (د): قال ثم.
(¬4) أي بطرفها المنحني.
(¬5) مسلم: (يطعنه).
(¬6) (د) أتى على الصفا.
(¬7) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (86).
(¬8) مسلم: (فقد أخذته).
(¬9) ف: ألا بما.
(¬10) تفسير النسائي: (1/ 668) - رقم (318).

الصفحة 558