أبو قَتَادةَ الأنصاريُّ وعلى إثرهِ المقدَادُ بن الأسودِ الكِنديُّ، قال: فأخذتُ بِعِنَانِ الأخْرَمِ قال: فولَّوا مُدبرين، قلت: يا أخرمُ احذَرْهُم لا يقتطِعُونك (¬1) حتى يلحق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُهُ.
قال: يا سلمةُ إن كنت تؤمِنُ بالله واليوم الآخر وتعلَمُ أن الجنَّةَ حقٌّ والنَّارَ حقٌّ فلا تَحُلْ بيني وبين الشهادة، قال: فخلَّيْتهُ فالتقى هو وعبد الرحمن، قال: فَعَقَر بعبد الرحمن فَرَسَهُ وطعنَهُ عبد الرحمن فَقَتَلهُ وتحَوّلَ على فرسِهِ ولَحِقَ أبو قتادة فارِسُ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بعبدِ الرحمن فطعنه فقتَلَهُ فوالذي كَرّمَ وجْهَ محمد - صلى الله عليه وسلم - لتبعتُهُمْ أعْدو على رجِلَيَّ حتى ما أرى ورائي من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - ولا غُبَارِهم شيئًا حتى يعدِلُوا قبل غُرُوب الشمس إلى شِعبِ فيهِ ماءٌ يقالُ لَهُ ذُو قَرَدٍ (¬2) ليشرَبُوا منه وهم عِطَاشٌ، قال: فنظرُوا إليَّ أَعدُو وراءَهم فحلأتهم عنهُ (يعني أجليتهم) (¬3) فما ذاقوا منه قطرةً، قال: ويخرجون فيشتدُّون في ثنيةٍ قال: فَأعْدُو فألَحقُ رجلًا منهم، فأصكُّهُ بسهمٍ في نُغُضِ كَتِفِهِ، قلتُ: خُذْهَا وأنا ابن أكوع، واليوم يوم الرضع قال: يا ثكِلَتْهُ أُمُّهُ! أكوَعُهُ بُكْرَةَ (¬4)، قال: قلت: نعم يا عدوَّ نفسِهِ! أكوعُكَ بُكْرةَ، وأردوا فرسين على ثنيةٍ، قال: فجئت بهما أسوقهما إلى رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ولَحِقَنِي عامر بسطِيحةٍ فيها مَذْقة من لبن وسطيحةٍ فيها ماءٌ، فتوضأتُ وشربتُ، ثم أتيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على الماء الذي حَلأتُهُمْ عنه (¬5)، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أخذ تلك الِإبل وكل شيء استنقذْتُهُ من المشركين وكلَّ رُمْحٍ وبُرْدَة، وإذا بلال
¬__________
(¬1) مسلم: (لا يقتطعوك).
(¬2) مسلم: (ذا قرد) -، في بعض نسخه (ذو قرد) وهو الوجه.
(¬3) مسلم: فحليتهم عه (يعني أجليتهم عنه).
(¬4) قوله (أكوعه) برفع العين: أي أنت الأكوع الذي كنت بكرة هذا النهار، ولهذا. قال: نعم، وبكرة: منصوب غير منون.
(¬5) (د): (عنده).