قد نَحَرَ ناقةً من تلك (¬1) الإبل التي (¬2) استنَقذْتُ من القوم، وإذا هو يشوي لرسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - من كَبِدِها وسَنَامها، قلتُ: يا رسول الله! خَلِّنِى فأنتخِبُ من القوم مِائَةَ رجُلٍ فأتبعُ القومَ، فلا يبقى منهم مُخبِرٌ إلا قتلتُهُ، قال: فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بَدَتْ نواجِذُهُ في ضوءِ النار ققال: "يا سلمةُ! أتراكَ كنت فاعِلًا؟ " قلتُ: نعم والذي أكرمَكَ. قال: "إنَهُمُ الآن ليُقْرَوْنَ في أرض غَطَفَانَ" فجاء رجلٌ من غطفان فقال: نَحَرَ لهمُ فلانٌ جَزُورا، فلمَّا كشفُوا جِلْدَهَا رأوا غُبارًا، فقالوا: أتاكُمُ القومُ، فخرجُوا هاربين، فلما أصبحنا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كان خير فُرسَانِنَا (¬3) أبو قتادة، وخيرَ رَجَّالَتِنَا سلمةُ" ثم أعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سهمينِ: سهمُ الفارس وسهمُ الرَّاجِلِ، فجمعهُما لِى جميعًا، ثُمَّ أردفني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وراءَهُ على العَضْبَاءِ راجِعينَ إلى المدينةِ.
قال: فبينما نحنُ نسِيرُ، قال: وكان رجُل من الأنصارِ لا يُسْبَقُ شَدًّا (¬4)، قال: فجعل يقولُ: ألا مُسَابِقٌ إلى المدينةِ؟ هل من مسابقٍ؟ فجعل يُعِيدُ ذلك، فلمَّا سمعتُ كَلاَمَهُ قلتُ: أما تُكْرِمُ كريمًا، ولا تَهَابُ شَرِيفًا؟ قال: لاَ. إلَّا أنْ يكُونَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قلتُ: يا رسول اللهِ بأبي أنت (¬5) وأميِّ، ذرني فَلأسْبِقَ (¬6) الرجل، قال: "إِنْ شِئْتَ" قلتُ: اذْهَبْ إلَيْكَ، وِثنيتُ رِجليَّ فظفرتُ فَعَدَوتُ قال: فربطتُ عليهِ شَرَفًا أو شرفينِ أسْتَبْقِي نَفسِي (¬7) ثمَّ إني (¬8) عدوت في إِثْرِهِ فَرَبَطتُ عليهِ شَرَفًا أو شرفين، ثمَّ إنِّي دفعتُ ¬__________
(¬1) (تلك): ليست في مسلم.
(¬2) مسلم: (الذي).
(¬3) مسلم: (كان خير فرساننا اليوم) وكذا (ف).
(¬4) أي عدوا على الرجلين.
(¬5) (أنت): ليست في مسلم.
(¬6) مسلم: (فلأسابق).
(¬7) معنى ربطت حبست نفسي عن الجري الشديد، والشرف ما ارتفع من الأرض، وقوله: أستبقي نَفَسي، أي لئلا يقطعني البهر.
(¬8) (إني): ليست في مسلم. وكذا (ف).