كتاب الأحكام الصغرى (اسم الجزء: 2)

"كَذَبَ من قال ذلِكَ، بل لَهُ أجرُهُ مرتينِ" ثم أرسلَنى إلى عَلي وهو أرْمَدُ، فقال: "لأعطينَّ الرايةَ رجُلًا يحبُّ اللهَ ورسولَهُ، ويحبهُ (¬1) اللهُ ورسولُهُ" قال: فأتيتُ عليًّا فجئتُ به أقودُهُ وهو أرْمَدُ حتى أتيتُ بِهِ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فبصق (¬2) في عينيه فَبَرَأ وأعطاه الرَّايةَ وخرج مَرْحَبٌ فقال:
قد علمت خيبرُ أنِّي مَرْحَبُ ... شاكِي السِّلاَحِ بطلٌ مُجرَّبُ
إذا الحروبُ أقبلتْ تلهَّبُ
قال عليٌّ رضى الله عنه:
أنا الذي سمتني أمى حَيدَرَهْ ... كليثِ غابات كريه المنظره
أوفِيهِمُ بالصَّاعِ كيل السَّنْدَرَهْ
قال: فَضَرَبَ رأْسَ مَرْحَبٍ فَقَتَلَهُ وكان الفتح على يديهِ.
وعند البخاري (¬3) في هذا الحديث - ولم يذكره بكماله - قلت: يا نبي الله! قد حميتُ القومَ الماء وهم عطاش، فابعث إليهم الساعة، قال: فقال: "يا ابن الأكوع ملكت فأسْجح (¬4) ".
مسلم (¬5)، عن عَبد الله بن عمرو قال: حَاصَرَ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم - أهْلَ الطَّائِفِ فَلَمْ ينل منهم شيئًا، فقال: "إنَّا قَافِلُونَ إن شاء الله" قال أصحابُهُ: نَرْجِعُ ولم نفتَتِحْهُ فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اغْدُوا على القِتَالِ" فغَدَوْا عليهِ فأصابتهم (¬6) جِرَاحٌ، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّا قَافِلُون غدًا" فأعجَبَهُم ذلك، فضحك رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -.
¬__________
(¬1) مسلم: (أو يحبه).
(¬2) مسلم: (فبسق).
(¬3) البحاري: (7/ 526) (64) كتاب المغازى (37) باب غزوة ذات القَرَد - رقم (4194).
(¬4) فأسجح: أي فَسهّل وهو مثل سائر.
(¬5) مسلم: (3/ 1402 - 1403) (32) كتاب الجهاد والسير (29) باب غزوة الطائف - رقم (82).
(¬6) مسلم: (فأصابهم). وكذا (ف).

الصفحة 568