كتاب الأحكام الصغرى (اسم الجزء: 2)

رسول الله - صلى الله عليهْ وسلم - ثلاثة أجزاء: جزأين بين المسلمين، وجزءًا أنفقه لأهله، فما فَضَلَ عن نفقةِ أهلهِ جعلهُ بين الفقراء المهاجرين. مسلم (¬1)، عن عبد الرحمن بن عوف أنَّهُ قال: بينا أنا واقِفٌ في الصَّفِّ يوم بدر، إذ (¬2) نظرت عن (¬3) يميني وشِمَالي فإذا أنا بين غُلامينِ من الأنصارِ، حديثةٍ أسنانُهُما تمنيتُ لو كنتُ بين أضلَع مِنْهُمَا، فغمزَني أحدُهُما فقال: يا عمِّ! هل تعرِفُ أبا جهل قال: قلتُ: نعم، وما حاجَتُكَ إليهِ يا ابن أخي؟ قال: أُخْبِرْتُ أنَّهُ يسبُ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - والذي نفسي بيدِهِ لَئِنْ رأيتُهُ لا يُفَارِقُ سوادِى سوادَهُ حتى يموتَ الأعْجَلُ مِنَّا، قال: فتعجَّبْتُ لذلك، قال: فغمزني الآخر فقال مثلها، فلم أنْشَبْ أن نظرتُ إلى أبي جهل يزُولُ في النًاسِ فقلتُ: ألا تريَانِ؟ هذا صاحِبُكُمَا الذي تسألانِ عَنْهُ، قال: فابتدَرَاهُ فضربَاهُ بسيفيهما، حتى قَتَلاهُ، ثم انصرفا إلى رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فأخْبَرَاهُ فقال: "إيُّكما قَتَلَهُ؟ " فقال كلّ واحدٍ منهما: أنا قتلتهُ (¬4)، فقال: "هل مسحتُما سيفيكُمَا؟ " قالا: لا، فنظر في السيفَيْنِ فقال: "كِلاكُمَا
قَتَلَهُ" وقضى بسَلَبِهِ لِمُعاذِ بن عمرو بن الجموح (والرجلان: معاذ بن عمرو ابن الجموح ومعاذُ بن عفراء).
وعن عوف بن مالك (¬5)، قال: قتل رجلٌ من حِمْيَرَ رجُلًا من العدو، فأرَادَ سَلَبَهُ، فمنَعَهُ خالد بن الوليد وكان واليًا عليهم، فأتى رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عوفُ بن مالكٍ فأخبرَهُ، فقال لخالد: "ما منعك أن تُعْطِيَهُ سَلَبَهُ؟ "
¬__________
(¬1) مسلم: (3/ 1372) (32) كتاب الجهاد والسير (13) باب استحقاق القاتل سلب القتيل - رقم (42).
(¬2) (إذ): ليست في مسلم.
(¬3) (ف): (عيني).
(¬4) مسلم: (قتلت).
(¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (43).

الصفحة 578