وهو من قوم يُعَظِّمونَ البُدْنَ. فابعثوها لَهُ". فبُعِثَتْ لَهُ، واستقبلَهُ الناسُ يُلَبّونَ. فلمَّا رأى ذلِكَ قال: سبحان اللهِ، ما ينبغى لِهؤلاءِ أن يُصَدُّوا عن البيتِ. فلما رَجَعَ إلى أصحابِهِ قال: رأيتُ البُدْنَ قد قُلدَتْ وأشْعِرَتْ، فما أرى أن يُصدُّوا عن البيتِ. فقام رجُلٌ منهم يُقالُ لَهُ مِكْرَزُ بنُ حَفْص فقال: دَعوني آتيهِ. فقالوا: ائتِهِ. فلمَّا أشرف عليهم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هذا مِكْرَز ابن حفص (¬1) وهو رجُلٌ فاجِرٌ". فجعل يُكَلِّمُ النبي - صلى الله عليه وسلم -. فَبَيْنَمَا هو يُكَلمُهُ إذ جاءَ سُهيل بن عمرو، قال عكرمة (¬2): لما جاء سُهيل قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "سَهُل لكم من أمركُم". رجع إلى الحديث (¬3). قال: فجاء سُهيل بن عمرٍو فقال: اكتب (¬4) بيننا وبينكُمْ كتابًا. فَدعَا النبي - صلى الله عليه وسلم - الكاتِبَ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اكتب (¬5) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، فقال: سهيلٌ: أمَّا الرحمنُ فواللهِ ما أدْري ما هو، ولكن اكتُبْ باسمك اللهم, كما كُنتَ تكتُبُ، فقال المسلمون: واللهِ لا نكتُبُها إلا "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اكتب باسمِكَ اللهم"، ثم قال: "هذا ما قاضى عليه محمد رسولُ اللهِ"، فقال سهيلٌ: لو كنا (¬6) نعلمُ أنَّكَ رسُول اللهِ ما صَدَدْناكَ عن البيتِ ولا قاتلناك، ولكن اكتب محمد بن عبد الله، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "واللهِ إني لَرَسُولُ الله وإن كذَّبتُمُوني، اكتب محمَّدُ بنُ عبد اللهِ". قال (¬7): وذلك لقولِهِ لا يسألوني خُطَّةً يُعَظِّمون فيها حُرُماتِ اللهِ إلَّا أعطيتُهُم
¬__________
(¬1) (ابن حفص): ليست في البخاري.
(¬2) في البخاري: (فأخبرني أيوب عن عكرمة).
(¬3) في البخاري: (قال معمر قال الزهري في حديثه).
(¬4) في البخاري: (هات اكتب).
(¬5) (اكتب): ليست في البخاري.
(¬6) في البخاري: (والله لو كنا نعلم).
(¬7) في البخاري: (قال الزهري).