كتاب الأحكام الصغرى (اسم الجزء: 1)

الأحاديث، وانتقاء الروايات، ويستطع أن يخرج بأسس اعتمدها في اختياره، وشروطا ارتكز عليها في انتقائه، وإن كان أشار إليها في المقدمة كما سيأتي:
هذه الشروط هى:
1 - حسن السياق وتمامه:
يُعنى عبد الحق عناية فائقة بحسن سياق ألفاظ أحاديثه، وكمالها وبيانها لما تدل عليه من أحكام، فيختار أحسن روايات الحديث مساقاً، وأتمها كلاماً، وأبينها للمقصود، والأمثلة على هذا من الكثرة بمكان:
1 - فهو يختار من روايات الحديث المتفق عليه رواية مسلم في الأعم الغالب، لأن مسلماً -رحمه الله- كان يتحرز في الألفاظ، ويتحرى في السياف، ويسوف المتون تامة محررة، لأن مسلماً صنف كتابه في بلده بحضوره أصوله، في حياته كثير من مشايخه، بخلاف البخاري فإنه صنف كتابه في طول رحلته، فروي عنه أنه قال:
"رب حديث سمعته بالبصرة كتبته بالشام، ورب حديث سمعته بالشام كتبته في مصر" (¬1).
فكان لأجل هذا ربما كتب الحديث من حفظه فلا يسوق ألفاظه برمتها، بل يتصرف فيه، ويسوقه بمعناه (¬2).
والحق أن هذا صنيع كثير ممن صنف في الأحكام بحذف الأسانيد من المغاربة، فإنهم يعتمدون على كتاب مسلم في نقل المتون (2). دون البخاري، من أجل هذا السبب، وسبب آخر هو: أن مسلماً يسوق أحاديث الباب كلها سرداً عاطفاً بعضها على بعض في موضع واحد، ولو كان المتن مشتملا على عدة أحكام، فإنه يذكره في أمس المواضع وأكثرها دخلًا فيه، فيسهل
¬__________
(¬1) تاريخ بغداد: (2/ 11).
(¬2) النكت على كتاب ابن الصلاح: (1/ 283)

الصفحة 8