مُؤمناً حَسَنَةً، يُعطى بها في الدُّنياَ، ويُجزَى بِها فى الآخِرَةِ، وأمَّا الكافِرُ فيُطعَمُ بِحَسنَاتِ مَا عَمِلَ لله بها في الدنيا، حتى إِذَا أَفضَى (¬1) إِلى الآخرة، لم يَكُنْ لَهُ حَسَنَة يُجزَى بِهَا".
وعن سهل بن سعد (¬2)، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - التقى هو والمشركُون فاقتَتَلُوا، فلما مالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عَسْكَرِه، ومالَ الآخرون إلى عسكَرهِمْ، وفي أصحاب رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - رجلٌ لا يدعُ لهُم شاذةً ولا فاذة إلا اتبعَها يَضرِبها بسيفه. فقالوا: ما أجزأ منَّا اليومَ أحدٌ كما أجزأَ فلان (¬3).
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أمَا إنَّهُ من أهلِ النار، فقال رجلٌ من القوم: أنا صَاحِبُهُ (¬4) أبدا، قاَل فَخَرَجَ معه، كلَّما وقفَ وقفَ معه، وإذا أسرعَ أسرعَ معه.
قال: فجُرِحَ الرجلُ جُرحاً شديداً، فاسْتعجَلَ الموتَ فوضَع نصل (¬5) سيفه بالأرض وذبابَه (¬6) بين ثدييه، ثم تحامل على سيفه فَقَتَلَ نفسه، فخرج الرجُل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: أشهدُ أنك رسول الله، قال: وما ذاك؟
قال: الرجل الذي ذَكرتَ آنفا، أنه من أهلِ النارِ، فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذلك، فقلت: أنا لكم به، فخرجت في طلبه حتى جُرح جُرحاً شديداً، فاستعجل
¬__________
(¬1) أفضى إلى الآخرة: أي صار إليها.
(¬2) مسلم: (1/ 106) (1) كتاب الإيمان (47) باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه - رقم (179).
(¬3) ما أجزأ منا اليوم أحد ما أجزأ فلان: أي ما أغنى وكفى أحد غناءه وكفايته.
(¬4) صاحبه: أي ألازمه لأنظر السبب الذي به يصير من أهل النار.
(¬5) نصل: ليست في (د).
(¬6) ذبابه: ذباب السيف هو طرفه الأسفل، وأما طرفه الأعلى فمقبضه.