كتاب الأحكام الصغرى (اسم الجزء: 2)

فلقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضحك حتي بدت نواجِذُهُ.
وعن أبي هريرة (¬1) قال، قالوا يا رسُولَ الله - هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال "هل تُضَارُّون في رؤيةِ الشمس في الظهيرة، ليست (¬2) في سحابةٍ؟ " قالوا": لا. قال "فهل تُضَارُّون في رؤيةِ القمر ليلة البدر، ليس في سحابةٍ؟ " قالوا لا. قال "فوالذي (¬3) نفسي بيدِهِ لا تضارُّونَ في رؤية ربكم، إلا كما تضارُّون في رؤيةِ أحدهما. قال: فيلقى العبدَ فيقول: أي فُلْ (¬4)، ألم أُكرمك وأُسوِّدْكَ، وأُزوِّجك، وأُسخِّر لك الخيل والإِبل، وأذَرْكَ ترأَس وتربَعُ (¬5)؟ فيقول (¬6) بلى. قال: فيقول: أفظننت أنك مُلاَقِيَّ؟ فيقول: لا. فيقول: فإني أنساك كا نسيتني. ثم يلقى الثاني فيقول أي فُلْ، ألم أكرمك، وأُسوِّدْكَ، وأزوجك، وأسخر لك الخيل والإِبل، وأذَرْكَ ترأسُ وتَرْبَعُ؟ فيقول: بلى (¬7). قال: فيقول: أفظننتَ أنك مُلَاقِىَّ؟ فيقول: لا. فيقول: فإنّي (¬8) أنساك كما نسيتني. ثم يلقى الثالث فيقول له مثل ذلك، فيقول: يا رب آمنت بك وبكتابِكَ وبرسلك وصلَّيْتُ وصُمْتُ وتصدَّقْتُ ويثني بخيرٍ ما استطاع فيقول: ها هنا إذاً.
قال: ثم يقال لَهُ: الآن نبعث شاهداً عليك، ويتفكَّرُ في نفسِهِ مَنْ ذا الذي يشهدُ عليَّ؟ فيُخْتَمُ على فِيهِ، ويقال لفخذه (¬9): انطِقِي، فتنطق فخِذُه ولحمه وعظامه بِعَملِهِ، وذلك لِيُعْذِرَ من نفسه، وذلك المنافق؛ وذلك الذي
¬__________
(¬1) مسلم: (4/ 2279) (53) كتاب الزهد - رقم (16).
(¬2) (ف): (وليست).
(¬3) (ف): (والذي).
(¬4) معناه: يا فلان، وهو ترخيم على خلاف القياس.
(¬5) أي تأخذ المرباع الذي كانت ملوك الجاهلية تأخذه من الغنيمة وهو ربعها ومعناه: ألم أجعلك رئيساً مطاعاً.
(¬6) (ف): (قال: فيقول).
(¬7) مسلم: (بلى، أي رب).
(¬8) (ف): (إني).
(¬9) مسلم (لفخذه ولحمه وعظامه).

الصفحة 872