كتاب الأحكام الصغرى (اسم الجزء: 2)

اتَّقاءً ورياءً إلا جعل اللهُ ظهره طبقةً واحدةً كلما أراد أن يسجُدَ خرَّ على قفاهُ، ثم يرفعون رؤوسَهُمْ وقد تحوَّل في صورتهِ التي رَأَوْهُ فيها أول مرةٍ، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربُّنا، ثم يُضرب الجسْرُ على جهنم، وتحِلُّ الشفاعَةُ، ويقولون: اللهم سَلِّمْ سَلِّمْ".
قيل: يا رسول الله! وما الجسْرُ؟ قال: "دحضٌ مَزَلَّةٌ (¬1) فيها خطاطِيفُ وكلاليبُ وحَسَكَة (¬2)، تكون بنجْدٍ فيها شُوَيْكَةٌ يقال لها السَّعْدَانُ، فيمر المؤمنون كطرف العينِ، وكالبرقِ، وكالريح، وكالطير، وكأجاويد الخيلِ، والرَّكاب (¬3)، فناجٍ مُسلَّمٌ، ومخدوشٌ مُرْسَلٌ، ومُكَردس (¬4) في نار جهنم، حتى إذا خلص المؤمنون من النَّارِ، فوالذي نفسي بيدِهِ ما من أحدٍ منكم (¬5) بأشدَّ مُنَاشَدَةً لله في استقصاء (¬6) الحقِّ، من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهمُ الذين في النار، يقولون: ربَّنا كانوا يصُومُون معنا ويُصلُّون (¬7) ويحُجُّونَ، فيقال لهم: أخرجوا من عرفتُم، فتُحَرَّمُ صورُهُم على النَّار، فيخرجون خلقاً كثيراً قد أخذتِ النارُ إلى نصف ساقيهِ وإلى ركبتيهِ، فيقولون (¬8): ربنا ما بقى فيها أحدٌ ممن أمرتنا بِهِ، فيقول: ارجعوا فمن وجدتُم في قلبِهِ مثقال دِينارٍ من خيرٍ، فأخرجُوهُ، فَيُخْرِجُونَ خلقاً كثيراً، ثم يقولون: ربنا لم نذر فيها أحداً ممن أمرتنا.، ثم يقول: ارجعوا في وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار من خيير فأخرجُوه، فيُخْرجُون
¬__________
(¬1) الدحض والمزلة بمعنى واحد، وهو الموضع الذي تزل فيه الأقدام ولا تستقر، ومنه دحضت الشمس أي مالت، وحجة داحضة أي لا ثبات لها.
(¬2) مسلم: (حسك). والحسك شوك صلب من حديد.
(¬3) (الركاب) الإبل.
(¬4) مسلم: (مكدوس). والمعنى أنهم ثلاثة أقسام: قسم يسلم فلا يناله شيء أصلاً،:وقسم يخدش ثم يرسل فيخلص وقسم يكردس ويلقى فيسقط في جهنم.
(¬5) مسلم: (ما منكم من أحدٍ).
(¬6) (د، ف) (استيفاء).
(¬7) (د): (يصلون معنا ويصومون).
(¬8) مسلم: (ثم يقولون) وكذا (د).

الصفحة 876