كتاب أيسر التفاسير للجزائري (اسم الجزء: 1)
{وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ 1 يُنْفِقُونَ} : من بعض ما آتاهم الله من مال ينفقون وذلك بإخراجهم لزكاة أموالهم وبإنفاقهم على أنفسهم وأزواجهم وأولادهم ووالديهم وتصدقهم على الفقراء والمساكين.
{يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ}
: يصدقون بالوحي الذي أنزل إليك أيها الرسول وهو الكتاب والسنة.
{وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} : ويصدقون بما انزل الله تعالى من كتب على الرسل من قبلك؛ كالتوراة والإنجيل والزبور.
{وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ 2} : وبالحياة في الدار الآخرة وما فيها من حساب وثواب وعقاب هم عالمون متيقنون لا يشكون في شيء من ذلك ولا يرتابون لكامل إيمانهم وعظم اتقائهم.
{أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ} : الإشارة إلى أصحاب الصفات الخمس السابقة والإخبار عنهم بأنهم بما هداهم الله تعالى إليه من الإيمان وصالح الأعمال هم متمكنون3 من الاستقامة على منهج الله المفضي بهم إلى الفلاح.
{وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون} : الإشارة إلى أصحاب الهداية4 الكاملة والإخبار عنهم بأنهم هم المفلحون5 الجديرون بالفوز الذي هو دخول الجنة بعد النجاة من النار.
__________
= في الشرع عبادة ذات ركوع وسجود وتلاوة وتسبيح تفتتح بالتكبير وتختتم بالتسليم.
1 الرزق هو: كل ما أوجده الله تعالى في الدنيا للإنسان من صنوف الأموال وضروب المأكولات والمشروبات والملبوسات والمركوبات والمساكن، والمراد بالرزق في الآية: المال صامتاً كان أو ناطقاً.
2 اليقين: اسم فاعل من يقن الأمر وضح وثبت، والمراد به: العلم الحاصل عن نظر وتفكر موجب لعدم الشك واضطراب النفس.
3 دل على التمكن من الاستقامة حرف: (على) في قولهم: على هدى من ربهم فإن الاستعلاء، إذ الراكب على الفرس متمكن منها يصرفها كيف يشاء لعلوه عليها.
4 وهم المتقون أصحاب الصفات الخمس التي هي: الإيمان بالغيب، وإقام الصلاة، وإنفاق مما رزقهم الله، والإيمان بما أنزل على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبما أنزل على من قبله، والإيمان بالآخرة.
5 الفلاح: مشتق من فلح الأرض إذا شقها، إذ الفلح الشق والقطع كما قال الشاعر:
إن الحديد بالحديد يفلح. أي يشق ويقطع. ومنه الفلاح، وهو الرجل يشق الأرض بالمحراث، وعليه فالمفلح: من شق طريقه بين صفوف أهل الموقف ودخل الجنة، ويطلق الفلاح على الفوز وهو السلامة من المرهوب، والظفر بالمرغوب، قال الشاعر:
لو كان حي مدرك الفلاح ...
أدركه ملاعب الرماح ...
أي فاز به.
الصفحة 21
664