كتاب أيسر التفاسير للجزائري (اسم الجزء: 1)
{وَاسْتَكْبَرَ} : تعاظم في نفسه فمنعه الاستكبار1 والحسد من الطاعة بالسجود لآدم.
{الْكَافِرِينَ} : جمع كافر. من كذب بالله تعالى أو كذب بشيء من آياته أو بواحد من رسله أو أنكر طاعته.
معنى الآية:
يذكر تعالى عباده بعلمه وحكمته وإفضاله عليهم بقوله: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ ... } سجود تحية وإكرام فسجدوا إلا إبليس تعاظم في نفسه وامتنع عن السجود الذي هو طاعة الله، وتحية آدم. تكبراً وحسداً لآدم في شرفه فكان بامتناعه عن طاعة الله من الكافرين الفاسقين عن أمر الله. الأمر الذي استوجب ابلاسه2 وطرده.
هداية الآية:
من هداية الآية:
1- التذكير بإفضال الله الأمر الذي يوجب الشكر ويرغب فيه.
2- التحذير من الكبر والحسد حيث كانا سبب إبلاس الشيطان، وامتناع اليهود من قبول الإسلام.
3- تقرير عداوة إبليس، والتنبيه إلى أنه عدو تجب عداوته أبداً.
4- التنبيه إلى أن من المعاصي ما يكون3 كفراً أو يقود إلى الكفر.
{وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ4 أَنْتَ وَزَوْجُكَ5 الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَداً
__________
1 الاستكبار: طلب الكبر في النفس وتصوره فيها، وفي صحيح مسلم: "أن الله لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر.
2 الإبلاس: الإيأس من كل خير، وإبلاس إبليس كان عقوبة له على كفره وكبره وحسده، وكان قبل إبلاسه يقال له: عزازيل، وبالعربية: الحارث.
3 كترك الصلاة وقتل المؤمن لقول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من ترك الصلاة فقد كفر"، وقوله: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر". وقوله: "لا ترتدوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض". والكفر كفران: كفر مخرج من الملة، وكفر نعمة لا يخرج منها، ولكن صاحبه إن لم يتب منه وتقبل توبته يدخل النار به.
4 قال: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} بعد طرد إبليس منها، والمراد من السكن الإسكان، وهو الإقامة الطويلة لا السكون النفسي، وهدوء البال، وإن كان لازماً للإقامة الطيبة، ولفظ السكن مشعر بعدم الإقامة الدائمة، لأن من سكن دار لابد وأن يرحل منها يوماً من الأيام.
5 لفظ الزوج يطلق على كل من الرجل وامرأته، لأن كل واحد منهما صير الثاني زوجاً له، ويقال للمرأة زوجة بالتاء كما في قول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يا فلان هذه زوجتي فلانة". وذلك أمناً من اللبس، وغلط الفرزدق في قوله:
وإن الذي يسعى ليفسد زوجتي ... كساعي إلى أسد الشرى يستبلها
ولا معنى لتغليطه وقد صح الحديث بلفظ زوجة.
الصفحة 44
664