كتاب أيسر التفاسير للجزائري (اسم الجزء: 2)

ملك مصر رؤيا أهالته وطلب من رجال دولته تعبيرها، وهو ما أخبر تعالى به في هذه الآيات إذ قال عز وجل: {وقال الملك} أي ملك البلاد {إني أرى} أي في منامي {سبع بقرات سمان يأكلهن سبع بقرات عجاف1} أي مهازيل في غاية الهزال {وسبع سنبلات خضر وأخر} أي سنبلات يابسات. ثم واجه رجال العلم والدولة حوله وقد جمعهم لذلك فقال {يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون} أي تؤولون. فأجابوه بما أخبر تعالى عنهم بقوله {قالوا أضغاث أحلام2} أي رؤياك هذه هي من أضغاث الأحلام التي لا تعبر، إذ قالوا {وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين} والمراد من الأضغاث الأخلاط وفي الحديث الصحيح "الرؤيا من الرحمن والحلم من الشيطان". وقوله تعالى {وقال الذي نجا منهما} أي من صاحبي السجن، {وادّكر بعد امة3} أي وتذكر ما أوصاه به يوسف وهو يودعه عند باب السجن إذ قال له {اذكرني عند ربك} بعد حين من الزمن قرابة سبع سنوات. قال ما أخبر تعالى به عنه {أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون} أي إلى يوسف في السجن فإنه أحسن من يعبر الرؤى فأرسلوه فدخل عليه وقال ما أخبر به تعالى عنه في قوله {يوسف} أي يا يوسف {أيها الصديق افتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات} وقوله {لعلي أرجع إلى الناس} أي الملك ورجاله {لعلهم يعلمون} أي ما تعبرها به أنت فينتفعون بذلك.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- جواز الرؤيا الصالحة يراها الكافر والفاسق.
2- الرؤى نوعان حلم من الشيطان، ورؤيا من الرحمن.
3- النسيان من صفات البشر.
4- جواز وصف الإنسان بما فيه من غير إطراء كقوله أيها الصديق.
5- لعل تكون بمعنى كي التعليلية.
__________
1 {عجاف} جمع عجفاء من عجُف يعجُف كعظُم يعظُم، والعجاف، المهاذيل والهُزال في الحيوان: الضعف لقلة الشحم واللحم.
2 الأضغاث: جمع ضغث والضّغث في اللغة: الحزمة من الشيء كالبقل والكلأ، والأحلام: الرؤيا المختلطة، ومالا تأويل له من الرؤى.
3 قرىء: {وادَّكَر بعد أمةٍ} بفتح الهمزة وتخفيف الميم أي: بعد نسيان يقال: أمِهَ أَمْهَاً إذا نُسي، قال الشاعر:
أمهت وكنت لا أنسى حديثاً
كذاك الدهر يودي بالعقول
{وادكر} أصلها: واذدكر، فأبدلت التاء دالا، ثم أدغمت الذال في الدال فصارت: وادكر، وذلك لمناسبتين الأولى: لقرب مخرج التاء من الذال والثانية: رخاوة الدال ولينها فحصل الإدغام لذلك.

الصفحة 617