بطاعتك بفعل أمرك وأمر رسولك واجتناب نهيك ونهي رسولك {واجعلنا للمتقين إماما} 1 أي قدوة صالحة يقتدون بنا في الخير يا ربنا. قال تعالى مخبراً عنهم بما أنعم به عليهم: {أولئك} أي السامون أنفساً العالون أرواحاً {يجزون الغرفة} وهي الدرجة العليا في الجنة {بما صبروا} على طاعة مولاهم، وما يلحقهم من أذى في ذات ربهم {ويلقون فيها} أي تتلقاهم الملائكة بالتهاني والتحيات {تحية وسلاماً} أي بالدعاء بالحياة السعيدة والسلامة من الآفات إذ هي حياة بلا ممات، وسعادة بلا منغصات. وقوله تعالى {خالدين فيها} أي في تلك الغرفة في أعلى الجنة {حسنت مستقراً} أي طابت موضع إقامة واستقرار. إلى هنا انتهى الحديث عن صفات عباد الرحمن وبيان جزائهم عند ربهم. وقوله تعالى: {قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم} أي قل يا رسولنا لأولئك المشركين المنكرين للرحمن {ما يعبأ بكم ربي} أي ما يكترث لكم أو يبالي بكم {لولا دعاؤكم} إياه أي عبادة من2 يعبده منكم إذ الدعاء هو العبادة ما أبالي بكم ولا أكترث لكم. أما وقد كذبتم بي وبرسولي فلم تعبدوني ولم توحدوني وإذاً {فسوف يكون} العذاب3 {لزاماً} وقد أذقتموه يوم بدر، وسوف يلازمهم في قبورهم إلى نشورهم، وسوف يلاحقهم حتى مستقرهم في جهنم.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- حرمة شهود الزور4 حرمة شهادته.
2- فضيلة الإعراض عن اللغو فعلاً كان أو قولاً.
__________
1 وحّد إماما ولم يجمعه {أئمة} لأن الإمام مصدر كالقيام والصيام أم القوم يؤمهم فهو إمام لهم، والمصدر يطلق فيدل على الواحد والجمع وجائز أن يراد أئمة كقول الرجل أميرنا هؤلاء ومنه قول الشاعر:
يا عاذلاتي لا تزدن ملامتي
إن العواذل لسن لي بأمير
2 إذ كانوا يدعونه تعالى في حال الشدة وعلى هذا فالمصدر مضاف إلى الفاعل و {إياه} معمول للدعاء.. المصدر، وجائز أن يكون معناه لولا دعاؤه إياكم لعبادته بذكره وشكره فيكون المصدر الذي هو الدعاء مضافاً إلى مفعوله وجواب لولا محذوف تقديره لم يعبأ بكم.
3 قال الطبري: معناه عذاباً دائماً لازماً. وقيل: فقد كذبتم فسوف يكون تكذيبكم لزاماً لكم أي: جزاؤه وهو العذاب لهم والمعنى واحد وهو لزوم العذاب لهم من اجل تكذيبهم الذي منعهم من تزكية نفوسهم بالإيمان وصالح الأعمال.
4 وفي الصحيح: " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ الشرك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئاً فجلس وقال ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت".