كتاب أيسر التفاسير للجزائري (اسم الجزء: 4)

ظل وجهه مسوداً وهو كظيم: أي أقام طوال نهاره مسود الوجه من الحزن وهو ممتلئ غيظا.
أو من ينشأ في الحلية: أي أيجترئون على الله ويجعلون له جزءاً هو البنت التي تربى في الزينة.
وهو في الخصام غير مبين: أي غير مظهر للحجة لضعفه بالأنوثة.
عباد الرحمن إناثاً: أي لأنهم قالوا بنات الله.
أشهدوا خلقهم: أي حضروا خلقهم عندما كان الرحمن يخلقهم.
ستكتب شهادتهم: أي سيكتب قولهم إن الملائكة إناثاً.
ويسألون: أي يوم القيامة عن شهادتهم الباطلة ويعاقبون عليها.
ما لهم بذلك من علم: أي دعواهم أن الله راض عنهم بعبادة الملائكة لا دليل لهم عليه ولا علم.
إن هم إلا يخرصون: أي ما هم إلا يكذبون يتوارثون الجهل عن بعضهم بعضا.
أم آتيناهم كتاباً من قبله: أي أم أنزلنا عليهم كتاب قبل القرآن.
فهم به مستمسكون: أي متمسكون بما جاء فيه، والجواب لم يقع ذلك أبداً.
بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة: أي إنهم لا حجة لهم إلا التقليد الأعمى لآبائهم.
وإنا على آثارهم مهتدون: أي على طريقتهم وملتهم ماشون وهي عبادة غير الله من الملائكة وغيرهم من الأصنام والأوثان.
إلا قال مترفوها: أي متنعموها.
إنا وجدنا آباءنا على أمة: أي ملّة ودين.
وإنا على آثارهم مقتدون: أي على طريقتهم متبعون لهم فيها.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في دعوة المشركين إلى التوحيد، والمكذبين إلى التصديق فقال تعالى منكراً عليهم باطلهم موبخاً لهم على اعتقاده والقول به، فقال: {وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءاً} أي وجعل أولئك المشركون الجاهلون لله جزءاً أي نصيباً من خلقه حيث قالوا الملائكة بنات الله، وهذا من أكذب الكذب وأكفر الكفر إذ كيف عرفوا أن الملائكة إناث، وأنهم بنات الله، وأنهم يستحقون العبادة مع الله فعبدوهم؟ حقاً إن الإنسان لكفور (1) مبين أي كثير الكفر وكبيره وبينه لا يحتاج فيه إلى دليل وقوله تعالى: {أَمِ اتَّخَذَ (2) مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ (3) بِالْبَنِينَ} أي أتقولون أيها المشركون المفترون اتخذ الله مما يخلق من
__________
1- قال الحسن يعد المصائب وينسى النعم ومبين معناه مظهر للكفر.
2- أم اتخذ الميم صلة أي زائدة لتقوية الكلام والاستفهام للتوبيخ والتأنيب.
3- {أصفاكم} قال القرطبي: اختصكم وأخلصكم بالبنين يقال أصفيته بكذا أي آثرته به وأصفيته الود أخلصته له.

الصفحة 632