كتاب أبو الطيب المتنبي وما له وما عليه

وقلما يبلغ الإنسان غايته ... ما كل ماشية بالرجل شملال
إنا لفي زمن ترك القبيح به ... من أكثر الناس إحسان وإجمال
ذكر الفتى عمره الثاني، وحاجته ... ما قاته، وفضول العيش أشغال
وقوله (من الوافر):
يرى الجبناء أن العجز حزم ... وتلك خديعة الطبع اللئيم
وكل شجاعة في المرء تغني ... ولا مثل الشجاعة في الحكيم
قيل له: أنى يكون الشجاع حكيما؟ فقال: هذا علي بن أبي طالب كرم الله وجه!.
وكم من عائب قولا صحيحاً ... وآفته من الفهم السقيم
ولكن تأخذ الأذهان منه ... على قدر القرائح والعلوم
وقوله (من الكامل):
ولقد رأيت الحادثان فلا أرى ... يققاً يميت ولا سواداً يعصم
والهم يخترم الجسيم نحافة ... ويشيب ناصية الصبي ويهرم
ذو العقل يشقي في النعيم بعقله ... وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
لا يخدعنك من عدو دمعه ... وارحم شبابك من عدو يرحم
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى ... حتى يراق على جوانبه الدم
قال ابن جني: أشهد بالله لو لم يقل غير هذا البيت لتقدم به أكثر المحدثين

الصفحة 128