كتاب أبو الطيب المتنبي وما له وما عليه

سبحان الله! ما أحسن الحشو بقوله (حاشاك)!. وكقوله (من البسيط):
إذا خلت منك حمص، لا خلت أبدا! ... فلا سقاها من الوسمي باكره
وكقوله في العيادة (من الكامل):
لا نعذل المرض الذي بك، شائق ... أنت الرجال، وشائق علاتها
ومنازل الحمى الجسوم، فقل لنا: ... ما عذرها في تركها خيراتها؟
أي: لا عذر للحمى في تركها جسمك، إذ هو أفضل الجسوم. وكقوله (من المنسرح):
قصدت من شرقها ومغربها ... حتى اشتكتك البلاد والسبل
لم تبق إلا قليل عافية ... قد وفدت تجتديكها العلل
وقوله (من الوافر):
تجشمك الزمان هوى وودا ... وقد يؤذي من المقت الحبيب
وكيف تعلك الدنيا بشيء ... وأنت لعلة الدنيا طبيب؟
وكيف تنوبك الشكوى بداء ... وأنت المستجار لما ينوب؟
وكقوله في التهنئة وهي تهنئة الدولة (من البسيط):
المجد عوفي إذ عوفيت والكرم ... وزال عنك إلى أعدائك الألم
وما أخصك في برء بتهنئة ... إذا سلمت فكل الناس قد سلموا
وكقوله (من الخفيف):
إنما التهنئات للأكفاء ... ولمن يدني من البعداء

الصفحة 140