كتاب أبو الطيب المتنبي وما له وما عليه

تبدت لنا كالشمس بين غمامة ... بدا حاجب منها وضنت بحاجب
ثم استخرجها، وأمر بإعادتها إلى مكانها من الكيس، وقال: إنها تحضر المائدة وسمعته يقول: لما انشد المتنبي عضد الدولة قصيدته فيه التي أولها (من الوافر):
مغاني الشعب طيباً في المغاني
وانتهى إلى قوله فيها
وألقى الشرق منها في ثيابي ... دنانيرا تفر من البنان
قال له عضد الدولة: لأقرنها في يديك، ثم فعل. قال: ولما قدم أبو الطيب من مصر بغداد، وترفع عن مدح المهلبي الوزيرا، ذهاباً بنفسه عن مدح غير الملوك، شق ذلك على المهلبي، فأغرى به شعراء بغداد، حتى نالوا من عرضه، وتباروا في هجائه، وفيهم ابن الحجاج وابن سكرة (محمد بن عبد الله الزاهد) الهاشمي، والحاتمي، وأسمعوه ما يكره، وتماجنوا به، وتنادروا عليه، فلم يجبهم ولم يفكر فيهم، وقيل له في ذلك، فقال: إني فرغت من إجابتهم بقولي لمن هم أرفع طبقة منهم في الشعراء (من الوافر):
أرى المتشاعرين غروا بذمي ... ومن ذا يحمل الداء العضالا
ومن يك ذا فم مر مريض ... يجد مراً به الماء الزلالا
وقولي (من الطويل):
أفي كل يوم تحت ضبني شويعر ... ضعيف يقاويني قصير يطاول
لساني بنطقي صامت عنه عادل ... وقلبي بصمتي ضاحك منه هازل

الصفحة 40