كتاب أبو الطيب المتنبي وما له وما عليه

وأتعب من ناداك من لا تجيبه ... وأغيظ من عاداك من لا تشاكل
وما التيه طبي فيهم غير أنني ... بغيض إلى الجاهل المتعاقل
وقولي (من الكامل):
وإذا أتتك مذمتي من ناقص ... فهي الشهادة لي بأني فاضل
قال: وبلغ أبا الحسين بن لنكك بالبصرة ما جرى على المتنبي من وقيعة شعراء بغداد، واستحقارهم له، وكان حاسدا له، طاعنا عليه، هاجياً إياه، زاعماً أن أباه كان سقاء بالكوفة فشمت به وقال (من البسيط):
قولا لآهل زمان لا خلاق لهم ... ضلوا عن الرشد من جهل بهم وعموا
أعطيتم المتنبي فوق منيته ... فزوجوه برغم أمهاتكم
لكن بغداد جاد الغيث ساكنها ... نعالهم في قفا السقاء تزدحم
قال: ومن قوله فيه (من الخفيف):
متنبيكم ابن سقاء كوفان ... يوحي من الكنيف إليه
كان من فيه يسلح الشعر حتى ... سلحت فقحة الزمان عليه
ومن قوله أيضاً فيه (من المجتث):
ما أوقح المتنبي ... فيما حكى وادعاه
أبيح مالا عظيما ... حتى أباح قفاه
يا سائلي عن غناه ... من ذاك كان غناه
إن كان ذاك نبياً ... فالجاثليق إله
ثم إن أبا الطيب المتنبي اتخذ الليل جملا، وفارق بغداد متوجها إلى حضرة

الصفحة 41