كتاب الأثر الثمين في نصرة عائشة - رضي الله عنها - أم المؤمنين

القسم الرّابع
حادثة الجمل
الفتنة الأولى: مقتل عثمان - رضي الله عنه -
كانت فتنة قتل الخليفة عثمان - رضي الله عنه - أوَّل الفتن وأعظمها بعد أن كُسِرَ بَابُ الفتنة عمر - رضي الله عنه -، وكان عثمان في هذه الفتنة على الحقِّ والهدى، قَالَ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ: "ذَكَرَ رَسُولُ - صلى الله عليه وسلم - وَسَلَّمَ فِتْنَةً فَقَرَّبَهَا، وَعَظَّمَهَا، قَالَ: ثُمَّ مَرَّ رَجُلٌ مُتَقَنِّعٌ فِي مِلْحَفَةٍ، فَقَالَ: هَذَا يَوْمَئِذٍ عَلَى الْحَقِّ. فَانْطَلَقْتُ مُسْرِعًا، أَوْ قَالَ: مُحْضِراً، فَأَخَذْتُ بِضَبْعَيْهِ (بعَضُدَيْه)، فَقُلْتُ: هَذَا يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: هَذَا. فَإِذَا هُوَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ " (¬١).
ولذلك قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: " مَنْ نَجَا مِنْ ثَلَاثٍ فَقَدْ نَجَا ـ قَالَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ـ قَالُوا: مَاذَا يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: " مَوْتِي، وَمِنْ قَتْلِ خَلِيفَةٍ مُصْطَبِرٍ بِالْحَقِّ يُعْطِيهِ، وَالدَّجَّالِ" (¬٢).
وقد قُتِلَ الخليفة عثمان - رضي الله عنه - في هذه الفتنة مظلوماً كما أخبر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: "ذَكَرَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فِتْنَةً، فَمَرَّ رَجُلٌ، فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: يُقْتَلُ فِيهَا هَذَا المُقَنَّعُ يَوْمَئِذٍ مَظْلُوماً. قَالَ: فَنَظَرْتُ، فَإِذَا هُوَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ " (¬٣).
وقد نشأ عن هذه الفتنة فِتَن أخرى، منها فتنة الجمل، ووقعت دون قصد.
---------------
(¬١) أحمد "المسند" (ج ١٤/ص ٧٦/رقم ١٨٠٣٦) وإسناده صحيح.
(¬٢) أحمد "المسند" (ج ١٦/ص ٣٢٢/رقم ٢٢٣٨٧) وإسناده صحيح.
(¬٣) أحمد "المسند" (ج ٥/ص ٣١٢/رقم ٥٩٥٣) وإسناده صحيح. والتّرمذي "سنن التّرمذي" (ج ٥/ص ٦٣٠/رقم ٣٧٠٨) كتاب المناقب، وقال أبو عيسى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ. وحسّنه الألباني في "الصّحيحة" (ج ٧/ص ٣١٨).

الصفحة 111