كتاب الأثر الثمين في نصرة عائشة - رضي الله عنها - أم المؤمنين
يَدَيْهِ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ" (¬١).
فغايتها عظيمة، ونيَّتها سليمة، ومساعيها كريمة، لكن كان بين الحيَّين من هم مفاتيح للشَّرِّ مغاليق للخير، فكلّ نفس تميل إلى ما يناسبها ويشاكلها: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا (٨٤)} [الإسراء].
وإصلاح ذات البين من أصول جماع الدِّين، وهو أفضل عند الله تعالى من درجة الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: " أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: إِصْلَاحُ ذَاتِ البَيْنِ، وَفَسَادُ ذَاتِ البَيْنِ هِيَ الحَالِقَةُ" (¬٢).
وتذهب النَّفسُ حَسْرَة حين تعلم أنَّه مازال هناك مَنْ يتَّهم المصلح، ويبرِّئ المفسد: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ (٢٢٠)} [البقرة].
الأمر بالإصلاح في القرآن الكريم
اعلم أنَّ أمّ المؤمنين - رضي الله عنها - خرجت مصلحة بين النَّاس لأنَّها تعلم أنَّ الله تعالى أمر بالإصلاح ورغَّب فيه وندب إليه، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ (١٠)} [الحجرات]، وقال تعالى: {إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ (١١٤)} [النّساء]، وقال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ (١)} [الأنفال]، وقال تعالى: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ
---------------
(¬١) الألباني " الصَّحيحة" (م ٣ /ص ٣٢٠/رقم ١٣٣٢)، وقال: بمجموع طرقه حسن.
(¬٢) أحمد "المسند" (ج ١٨/ص ٥٧١/رقم ٢٧٣٨١) وإسناده صحيح.