كتاب الأثر الثمين في نصرة عائشة - رضي الله عنها - أم المؤمنين

فَتَمَثَّلْ أخلاقَ أبرّ النَّاس قلوباً وألينهم جانباً، وتعلَّم كيف تُعامِلُ غيرك، وكيف تسعى في ركاب الحقِّ دَهْرَك، واجعل قول عثمان - رضي الله عنه - شعاراً لك: "فَإِذَا أَحْسَنَ النَّاسُ، فَأَحْسِنْ مَعَهُمْ، وَإِذَا أَسَاؤُوا، فَاجْتَنِبْ إِسَاءَتَهُمْ ". وكن مرحوماً لا محروماً، وأوسع النَّاس حلماً إذا أوسعوك جهلاً، لله درُّك يا عثمان مَا أحْلمك! وصدق القائل:
والنَّاسُ صِنْفَانِ: مَوْتَى في حياتِهم وآخرون بِبَطْنِ الأرض أحَياءُ
ومن أسباب النَّجاة: القولُ الحسن، فالقول الحسن يَسُدُّ مداخِلَ الشَّيطان
ويبطل مكائده، قال تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا (٥٣)} [الإسراء].
فالمسلم ينتقي أطيب الكلام وأحسنه، ويتخيّر أجمل الألفاظ الّتي تصفي له ودّ أخيه؛ حتَّى لا يدع للشَّيطان سبيلاً، ولذلك أثنى الله تعالى على المؤمنين، فقال: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ (٢٤)} [الحجّ].
وقد ثبَّت الله تعالى الصَّحابة - رضي الله عنهم - على القول الطَّيِّب حتَّى في الخصومة مع أعدائهم، فقد تعلَّموا في مدرسة النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فيوم بدر، لمَّا أخذ أبو سفيان يَرْتَجِزُ: إِنَّ لَنَا العُزَّى وَلَا عُزَّى لَكُمْ، قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: " أَلَا تُجِيبُوا لَهُ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، مَا نَقُولُ؟ قَالَ: قُولُوا: الله مَوْلَانَا وَلَا مَوْلَى لَكُمْ" (¬١).
وانظر ما علَّق الله تعالى على التَّقوى والقول السَّديد مِنْ صَلاحِ العمل
---------------
(¬١) البخاري "صحيح البخاري" (م ٢/ج ٤/ص ٢٧) كتاب الجهاد.

الصفحة 235