كتاب الأثر الثمين في نصرة عائشة - رضي الله عنها - أم المؤمنين
رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَاسْتَأْذَنَ، فَأُذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، فَقَالَ: النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِأَبِي بَكْرٍ: أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ، فَقَالَ أَبو بَكْرٍ: إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ (¬١) ـ بِأَبِي أَنْتَ (¬٢) ـ يَا رَسُولَ الله، قَالَ: فَإِنِّي قَدْ أُذِنَ لِي فِي الخُرُوجِ، فَقَالَ أَبو بَكْرٍ: الصَّحَابَةَ (¬٣) ـ بِأَبِي أَنْتَ ـ يَا رَسُولَ الله، قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: نَعَمْ، قَالَ أَبو بَكْرٍ: فَخُذْ ـ بِأَبِي أَنْتَ ـ يَا رَسُولَ الله، إِحْدَى رَاحِلَتَيَّ هَاتَيْنِ، قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: بِالثَّمَنِ (¬٤).
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجَهَّزْنَاهُمَا أَحَثَّ (¬٥) الْجِهَازِ، وَصَنَعْنَا لهما سُفْرَةً فِي جِرَابٍ، فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ قِطْعَةً مِنْ نِطَاقِهَا، فَرَبَطَتْ به عَلَى فَمِ الْجِرَابِ؛ فَبِذَلِكَ سُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطَاقِ.
قَالَتْ: ثُمَّ لَحِقَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَأَبو بَكرٍ بِغَارٍ فِي جَبَلِ ثَوْرٍ، فَكَمَنَا فِيهِ ثَلَاثَ
لَيَالٍ، يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ الله بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَهُوَ غُلَامٌ شَابٌّ ثَقِفٌ لَقِنٌ (¬٦)، فَيُدْلِجُ مِنْ عِنْدِهِمَا بِسَحَرٍ، فَيُصْبِحُ مَعَ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ، فَلَا يَسْمَعُ أَمْرًا يُكْتَادَانِ (¬٧) بِهِ إِلَّا وَعَاهُ حَتَّى يَأْتِيَهُمَا بِخَبَرِ ذَلِكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلَامُ، وَيَرْعَى عَلَيْهِمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ مِنْحَةً مِنْ غَنَمٍ، فَيُرِيحُهَا عَلَيْهِمَا حِينَ تَذْهَبُ سَاعَةٌ مِنْ الْعِشَاءِ، فَيَبِيتَانِ فِي
---------------
(¬١) إشارة إلى ابنتيه: عائشة وأسماء، كما فهم من طرائق أخرى للحديث.
(¬٢) التَّقدير: أنت بأبي مفديّ.
(¬٣) أي أريد المصاحبة.
(¬٤) أحبَّ - صلى الله عليه وسلم - أن تكون هجرته من ماله.
(¬٥) أحثّ: اسم تفضيل من الحثّ، وهو الإسراع.
(¬٦) أي حاذِق سريع الفهم.
(¬٧) من الكيد، أي يُكَاد لهما بمكروه.