كتاب الأثر الثمين في نصرة عائشة - رضي الله عنها - أم المؤمنين
مُجَاوِرٌ (¬١) فِي المَسْجِدِ، فَأُرَجِّلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ" (¬٢). وعند مسلم عنها - رضي الله عنها -: "كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُخْرِجُ إِلَيَّ رَأْسَهُ مِنَ المَسْجِدِ، وَهُوَ مُجَاوِرٌ، فَأَغْسِلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ" (¬٣).
وقد اسْتُهِلَّتِ السَّمَاءُ ذات ليلة والنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - معتكف، فَأَمْطَرَتْ حَتَّى سَالَ سَقْفُ المَسْجِدِ، وكان من جريد النَّخل، فلمَّا أقيمت صلاةُ الصُّبح سَجَدَ - صلى الله عليه وسلم - في الطِّين والماء، فلمَّا فرغ من صلاته رأى بعض الصَّحابة أثَرَ الطِّينِ فِي أَرْنَبَتِهِ وَجَبْهَتِهِ، قَال أَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: "مُطِرْنَا لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، فَوَكَفَ المَسْجِدُ فِي مُصَلَّى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَقَدِ انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَوَجْهُهُ مُبْتَلٌّ طِينًا وَمَاءً" (¬٤).
ولعلَّ بناء الحجرات كان على نعت بِنَاء المسجد مِن لبن وجريد النَّخل، وفي "الأدب المفرد" بسند صحيح عن دَاوُد بن قَيْس، قَالَ: " رَأَيْتُ الْحُجُرَاتِ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ" (¬٥).
وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هِلَالٍ بسند صحيح: " أَنَّهُ رَأَى حُجَرَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ جَرِيدٍ مَسْتُورَةً بِمُسُوحِ الشَّعْرِ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ بَيْتِ عَائِشَةَ؟ فَقَالَ: كَانَ بَابُهُ مِنْ وِجْهَةِ الشَّامِ. فَقُلْتُ: مِصْرَاعاً كَانَ أَوْ مِصْرَاعَيْنِ؟ قَالَ: كَانَ بَابًا وَاحِداً. قُلْتُ: مِنْ أَيِّ
---------------
(¬١) أي معتكف.
(¬٢) البخاريّ "صحيح البخاري" (م ١/ج ٢/ص ٢٥٦) كتاب الاعتكاف.
(¬٣) مسلم "صحيح مسلم بشرح النّووي" (م ٢/ج ٣/ص ٢٠٩) كتاب الحيض.
(¬٤) مسلم "صحيح مسلم بشرح النّووي" (م ٤/ج ٨/ص ٦٠) كتاب الصّيام.
(¬٥) البخاري "صحيح الأدب المفرد" (ص ١٧٣/رقم ٤٥١).