كتاب الأثر الثمين في نصرة عائشة - رضي الله عنها - أم المؤمنين

الصَّحابة لا إله إلا الله، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "لَا تَسُبُّوا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِي؛ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَوْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ " (¬١)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "مَن سَبَّ أصحابي، فَعَليْهِ لعنةُ الله والملائكةِ والنَّاس أجمعين" (¬٢).
واعلم أنَّ سبَّ الصَّحابة فيه أذى لله تعالى؛ لأنَّ الله تعالى هو الَّذي اختارهم لصحبة نبيِّه - صلى الله عليه وسلم -، قال قتادة: " وَلَكِنْ أَحَقّ مَنْ صَدَّقْتُمْ أَصْحَابُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - الَّذِينَ اخْتَارَهُمْ الله لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ وَإِقَامَةِ دِينِهِ" (¬٣) وهو الَّذي زكَّاهم في كتابه الكريم، وضرب لهم مثلاً في التوّراة والإنجيل.
وفيه أذى للرَّسول - صلى الله عليه وسلم - واتِّهام له أنَّه لم يحسن تربيتهم، وأنَّه - صلى الله عليه وسلم - أثنى عليهم وليسوا أهلاً للثَّناء، وهذا ممنوع.

مَن تكلّم ومَن تولّى كبره
في آخر رواية هشام بن عروة أنَّ الَّذين تكلَّموا هم: حمنة، وحسّان، ومسطح لا إله إلا الله. وإنَّما أُخِذَ عليهم لأجل أنَّهم سمعوا وأصغوا، وأمَّا مَن اخْتَلَقَ الإفك وأذاعه وأشاعه فهو رأس المنافقين ابن أبيّ، تقول عائشة - رضي الله عنها -: "أمَّا زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ فَعَصَمَهَا اللهُ بِدِينِهَا فَلَمْ تَقُلْ إِلَّا خَيْراً، وَأَمَّا أُخْتُهَا حَمْنَةُ، فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيهِ مِسْطَحٌ، وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَالمُنَافِقُ عَبْدُ الله بْنُ أُبَيٍّ،
---------------
(¬١) مسلم "صحيح مسلم بشرح النَّووي" (م ٨/ج ١٦/ص ٩٣) كتاب فضائل الصَّحابة.
(¬٢) الألباني "سلسة الأحاديث الصَّحيحة" (م ٥/ص ٤٤٦) وقال: بمجموعِ طُرقِةِ حَسَن.
(¬٣) أحمد "المسند" (ج ١٠/ص ٤٣٦/رقم ١٢٣١٦) وإسناده صحيح.

الصفحة 77