كتاب الأثر الثمين في نصرة عائشة - رضي الله عنها - أم المؤمنين
الأسماع، وعليه جفوة أشدُّ مِنْ جَفْوةِ الجاهليَّة.
أمَّا مارية أمّ ولد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا تُتَّهم بشيء، والنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - تزوَّجها في السَّنة السَّابعة من الهجرة، وحديث الإفك كان في السَّنة الخامسة من الهجرة، فكيف تنزل الآيات فيها، وهي مقيمة على دين قومها، ولا علم له - صلى الله عليه وسلم - ولا علم لعائشة - رضي الله عنها - بها؟! فما ذاك إلَّا من التَّجنِّي.
أيضاً الَّذين جاؤوا بالإفك جماعة، فألفاظ القرآن تدلُّ على ذلك، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ}، وقال تعالى: {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ}.
أيضاً القاذف رجل وليس امرأة، قال تعالى: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١١)} [النّور].
وقد نقل ابن الجوزيّ إجماع أهل السُّنَّة على أنَّها نزلت في براءة عائشة - رضي الله عنها -، قال: "أجمع المفسرون أن هذه الآية وما يتعلق بها بعدها نزلت في قصة عائشة - رضي الله عنها -، وفي حديث الإفك أن هذه الآية إلى عشر آيات نزلت في قصَّة عائشة " (¬١).
ونقل ابن أبي الحديد التَّواتر على أنَّها نزلت في عائشة - رضي الله عنها -، قال:"وجَحْدهم لإنزالِ ذلك في عائشة جَحْدٌ لما يُعْلَمُ ضرورة من الأخبار المتواترة" (¬٢).
فإيَّاك أنْ تعود لمثل كلام ابن أبيّ بعد نزول القرآن صريحاً في بَراءة عائشة
---------------
(¬١) ابن الجوزيّ "زاد المسير" (م ٥/ص ٣٤٧).
(¬٢) ابن أبي الحديد "شرح نهج البلاغة" (م ٤/ص ٣٠١).