كتاب العواصم من القواصم ط دار الجيل

وقائع ومحاورات بين عثمان والبغاة عليه

اثنين من المسلمين، أو [بينة] * -كما تقدم ذكره- فلم يقبلوا ذلك منه186، ونقضوا عهده187، وحصروه.
وقد روي أن عثمان جيء إليه بالأشتر، فقال له: يريد القوم منك إما أن تخلع نفسك، أو تقص منها، أو يقتلوك. فقال: "أما خلعي، فلا أترك أمة محمد بعضها على بعض. وأما القصاص، فصاحباي قبلي لم يقصا من أنفسهما، ولا يحتمل ذلك بدني"188.
وروي أن رجلًا قال له: نذرت دمك. قال: [له: خذ جنبي، فشرط فيه بالسيف شرطة أراق منه دمه] 189،، ثم خرج الرجل وركب راحلته وانصرف في الحين190.
__________
186 لأنهم ما جاءوا ليقبلوا حقا أو يرجعوا إلى شرع، وإنما جاءوا ليخلعوه أو يسفكوا دمه. "خ".
187 الذي تقدم أنهم قطعوه على أنفسهم بأن لا يشقوا عصًا، ولا يفرقوا جماعة. "خ".
* وفي طبعة الشيخ الخطيب "يميني". "س".
188 هذا الخبر في تاريخ الطبري: 117: 5-118، وفي البداية والنهاية 184: 7، وفي أنساب الأشراف للبلاذري 92: 5.
189 وفي مطبوعة الشيخ الخطيب "خذ جبتي، فشرط فيها شرطة بالسيف أراق منه دمه". "س".
190 هذا الخبر في كتاب التمهيد للإمام أبي بكر الباقلاني صـ 216.
وأعجب من ذلك ما رواه الطبري 137: 5-138 أن عمير بن ضابيء البرجمي وكميل بن زياد النخعي خضرا إلى المدينة ليغتالا عثمان تنفيذًا لقرار اتخذوه بالكوفة مع بقية عصابتهم، فلما وصلا إلى المدينة نكل عمير، وترصد كميل للخليفة حتى مر به، فلما التقيا ارتاب منه عثمان، ووجأ وجهه فوقع على استه، فقال لعثمان: أوجعتني يا أمير المؤمنين، قال عثمان: أولست بفاتك؟ قال: لا والله الذي لا إله إلا هو، فاجتمع الناس وقالوا: نفتشه يا أمير المؤمنين. فقال: لا. قد رزق الله العافية، ولا أشتهي أن أطلع منه على غير ما قال. ثم قال لكميل: "إن كان كما قلت فاقتد مني "وجثا"، فوالله ما حسبتك إلا تريدني". وقال: "إن كنت صادقًا فأجزل الله، وإن كنت كاذبًا فأذل الله" وقعد له على قدميه وقال: "دونك" فقال كميل: "تركت" أيها القارئ الكريم، إن هذا الموقف ليس موقف خليفة فضلًا عمن دونه، بل هو موقف المتخلقين بأخلاق الأنبياء، على أن الله يمهل ولا

الصفحة 136