كتاب العواصم من القواصم ط دار الجيل

وألبوا، وثاروا إليَّ [واستسلمت] لأمر الله، وأمرت كل من حولي ألا يدافعوا عن داري، وخرجت على السطوح بنفسي، فعاثوا علي، وأمسيت سليب الدار، ولولا ما سبق من حسن المقدار لكنت قتيل الدار.
وكان الذي حملني على ذلك ثلاثة أمور: أحدها وصاية النبي صلى الله عليه وآله وسلم المتقدمة214، والثاني الاقتداء بعثمان، والثالث سوء الأحدوثة التي فر منها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المؤيدة بالوحي215 فإن من غاب عني، بل من حضر من الحسدة معي، خفت أن يقول: إن الناس مشوا [مستعينين به] مستغيثين له، فأراق دمائهم.
وأمر عثمان كله سنة ماضية، وسيرة راضية، فإنه تحقق أنه مقتول بخير الصادق له بذلك، وأنه بشره بالجنة على بلوى تصيبه، وأنه شهيد.
وروى أنه قال له في المنام: إن شئت نصرتك، أو تفطر عندنا الليلة217.
__________
214 وقد نقلناها آنفا عن حديث أبي هريرة في صحيح البخاري، ومن حديث أبي موسى في الكوفة قبل وقعة الجمل."خ".
215 وذلك لما قال ابن سلول في غزوة بني المصطلق: "إذا رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل"، فأراد عمر أن يقتله، فمنعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال: "لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه"." خ".
217 هذه الرواية لابن أبي الدنيا من حديث عبد الله بن سلام في البداية والنهاية: 182:7-183، ومن طريق آخر عنه في أنساب الأشراف للبلاذري: 82:5. وفي مسند أحمد: "72/1 الطبعة الأولى رقم 526 الثانية" من حديث مسلم أبي سعيد مولى عثمان قال: إن عثمان أعتق عشرين مملوكًا، ودعا بسراويل فشدها عليه ولم يلبسها في جاهلية ولا إسلام، وقال: "إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم البارحة في المنام ورأيت أبا بكر وعمر، وأنهم قالوا لي: اصبر، فإنك تفطر عندنا القابلة، ثم دعا بمصحف فنشره بين يديه، فقتل وهو بين يديه". وروى الإمام أحمد هذا الحديث عن نائلة زوجة عثمان 73:1 رقم 536 بقريب من هذا. وفي البداية والنهاية 182:7 من حديث أيوب السختياني عن نافع عن عبد الله بن عمر بن الخطاب، ومن طرق أخرى متعددة، وانظر تاريخ الطبري*: 125:5."خ".
__________
* روى الطبري نحوه مختصرًا وإسناده حسن."م".

الصفحة 144