وخرج علي إلى الكوفة242، وتعسكر الفريقان والتقوا243، وقال عمار -وقد دنا من هودج عائشة-: ماتطلبون؟ قالوا: نطلب دم عثمان، قال: قتل الله في هذا اليوم الباغي والطالب لغير الحق244.
والتقى علي والزبير، فقال له علي: أتذكر قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنك تقاتلني؟ فتركه ورجع245. وراجعه ولده، فلم يقبل، وأتبعه الأحنف من قتله"246.
__________
242 خرج من المدينة في آخر شهر ربيع الآخر سنة 36؛ ليكون على مقربة من الشام. وكان ابنه الحسن يود لو بقى والده بالمدينة، فيتخذها دار خلافته كإخوانه الثلاثة قبله فلا يبرحها "الطبري 171: 5:، وانظر: 163: 5، وقد سلك علي من المدينة إلى العراق طريق الربذة وفيد والثعلبية والساود وذي قار، ومن الربذة أرسل إلى الكوفة محمد بن أبي بكر ومحمد بن جعفر فرجعا إليه وهو في ذي قار بأن أبا موسى وأهل الحجا من الكوفيين يروى القعود، فأرسل الأشتر وابن عباس، ثم أرسل ابنه الحسن وعمارًا لاستمالة القوم إليه، وبينما هو في الطريق أنشب عثمان بن حنيف وحكيم بن جبلة القتال مع أصحاب الجمل. وفي الأساود جاءه خبر مصرع حكيم بن جبلة بن جبلة وقتلة عثمان، ثم جاء عثمان بن حنيف إلى علي وهو في الثعلبية منتوف اللحية ومغلوبًا على أمره، وفي ذي قار أقام على معسكره، ثم قام بمن معه إلى البصرة، وفيها أصحاب الجمل. "خ".
243 بعد وصول علي إلي ذي قار وقيام القعقاع بن عمرو بمساعي التفاهم تقدم علي بمن معه إلى البصرة، فأسرع قتلة عثمان إلى إحباط مساعي الإصلاح بإنشاب القتال.
244 كان الفريقان يطلبان التفاهم وجمع الكلمة، وأما الباغي فهم قتلة عثمان، وقد قتلهم الله جميعًا إلا واحدًا منهم، وسيأتي بيانه. "خ".
245 إن هذا الخبر غير صحيح، وقد ذكر الإمام ابن كثير في البداية والنهاية: 213/6 ما يماثله وهو ضعيف. "م".
روى البيهقي -وقد أسنده- عن أبي وجزة المازني قال: سمعت عليًّا والزبير، وعلي يقول له: ناشدتك الله يا زبير "أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "أنك تقاتلني وأنت ظالم"، قال: "بلى ولكني نسيت"، قال البيهقي: وهذا غريب. "م".
246 الذي قتل الزبير عمير بن جرموز وفضالة بن حابس ونفيع التميمي، والأحنف أتقى لله من أن يأمرهم بقتله، بل سمعوه يتذمر من قتال المسلمين بعضهم مع بعض فلحقوا بالزبير فقتلوه, "الطبري 18: 5". "خ".