كتاب العواصم من القواصم ط دار الجيل

أهلية يزيد للولاية

قلنا: هذا محال من وجهين: أحدهما أنه ما كان ليتقي من الحسن بأسا وقد سلم الأمر. الثاني أنه أمر مغيب لا يعلمه إلا الله فكيف تحمولنه- بغير بينة- على أحد من خلقه في زمان متباعد لم تثق فيه بنقل ناقل، بي أيدي قوم ذوي أهواء، وفي حال فتنة وعصبية، ينسب كل واحد إلى صاحبه ما لا ينبغي، فلا يقبل منها إلا الصافي، ولا يسمع فيها إلا من العدل الصميم413.
فإن قيل: فقد عهد إلى يزيد وليس بأهل414، 415. وجرى بينه
__________
413 قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة 225: 2 فيما تزعمه الشيعة من أن معاوية سم الحسن: لم يثبت ذلك ببينة شرعية، ولا إقرار معتبر، ولا نقل يجزم به، وهذامما لا يمكن العلم به، فالقول به قول بلا علم. قال: وقد رأينا في زماننا من يقول عنه سم ومات مسموما من الأتراك وغيرهم. ويختلف الناس في ذلك حتى في نفس الموضع الذي مات فيه القلعة التي مات فيها، فتجد كلا منهم يحدث بالشيء بخلاف ما يحدث به الآخر. وقعد أن ذكر ابن تيمية أن الحسن مات يحدث بالشيء بخلاف ما يحدث به الآخر. وبعد أن ذكر ابن تيمية أن الحسن مات بالمدينة وأن معاوية كان بالشام، ذكر الخبر احتمالات- على فرض صحته- منها أن الحسن كان مطلاقا لا يدوم مع امرأة ... إلخ. خ.
414 أن كان مقياس الأهلية لذلك أن يبلغ مبلغ أبي بكر وعمر في مجموع صجاياهما، فهذا ما لم يبلغه في تاريخ الإسلام، ولا عمر بن عبد العزيز. وإن طمعنا بالمستحيل وقدرنا إمكان ظهور أبي بكر آخر وعمر آخر فلن تتاح له بيئة كالبيئة التي أتاحها الله لأبي بكر وعمر. وإن كان مقياس الأهلية الاستقامة في السيرة، والقيام بحرمة الشريعة، والعمل بأحكامها، والعدل في الناس، والنظر في مصالحهم، والجهاد في عدوهم، وتوسيع الآفاق لدعوتهم، والرفق بأفرادهم وجماعتهم، فإن يزيد يوم تمحص أخباره، ويقف الناس على حقيقة حاله كما كان في حياته، يتبين من ذلك أنه لم يكن دون كثيرين ممن تغنى التاريخ بمحامدهم، وأجزل الثناء عليهم. خ.
415 تصدى في العصر الحديث للدفاع عن يزيد استاذ في جامعة القاهرة هو الدكتور إبراهيم العدوي خريج ماعة ليفربول، فيقول في كتابه: الأمويون والبيزنطيون: البحر المتوسط بحيرة إسلامية ناقضا بذلك الشائعات الكاذبة المتواترة التي سمعة وتسمم العقول البريسة.
وبذل معاوية جهودا عظيمة لإعداد القوات الإسلامية التي رغب في إرسالها إلى القسطنطينية فجعل على رأس هذه الحملة ابنه وولي عهده يزيد.

الصفحة 221