كتاب العواصم من القواصم ط دار الجيل

فهذا مالك رضي الله عنه قد احتج بقضاء عبد الملك بن مروان في موطأه، وأبرزه في جملة قواعد الشريعة495.
وقال في روايته: عن زياد بن أبي سفيان، فنسبه إليه وقد علم قصته، ولو كان عنده ما يقول العوام حقا لما رضي أن ينسبه ولا ذكره في كتابه الذي أسسه للإسلام496، وقد جمع ذلك كله في أيام بني العباس والدولة لهم والحكم بأيديهم فما غير عليه ولا أنكروا ذلك عنه لفضل علومهم ومعرفتهم بأن مسالة زياد قد اختلف الناس فيها فمنهم من جوزها ومنهم من منعها، لم يكن لاعتراضهم إليها سبيل.
وكذلك أعجبهم- حين قرأ الخليفة على مالك الموطأ- ذكر عبد الملك بن مروان فيه وإذكاره بقضائه، لأنه إذا احتج بقضائه فسيتحج بقضائه أيضا مثله، وإذا طعن فيه طعن فيه بمثله497.
__________
495 من ذلك ما جاء في باب المستكرهة من النساء بكتاب الأقضية من الموطأ ص734: حدثني مالك عن ابن شهاب أن عبد الملك بن مروان قضى في مرأة أصيبت مستكرهة بصداقها على من فعل ذلك بها. وفي كتاب المكاتب من الموطا ص788 قضاء آخر لعبد الملك. وفي كتاب العقول من الموطأ ص872 قضاء له أيضا. أما أبوه مروان بن الحكم فأقضيته وفتاواه كثيرة في الموطأ ... وغيره من كتب السنة المتداولة في أيدي أئمة المسلمين يعملون بها. وانظر لورع مروان وابنه عبد الملك حديث مالك عن ابن أبي عبلة في كتاب النكاح من الموطأ. ص540.خ.
496 وعامر بن شراحيل الشعبي كان من أئمة المسلمين كذلك، بل إن مالكا كان يراه إماما له. وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة زياد من تاريخ دمشق 406:5 أن الشعبي قال: أتت زيادا قضية في رجل مات وترك عمه وخاله فقال: لأقضين بينكم بقضاء سمعته من عمر بن الخطاب وذلك أنه جعل العمة بمنزلة الأخ والخالة بمنزلة الأخت. خ.
497 وممن روى عن عبد الملك بن مروان البخاري في كتابه الأدب المفرد وروى عن عبد الملك الإمام الزهر يوعروة بن الزبير، وخالد بن معدان من فقهاء التابعين وعبادهم، ورجاء بن حيوة أحد الأعلام. قال نافع مولى ابن عمر: لقد رأيت المدينة وما فيها شاب أشد تشميرا ولا أفقه ولا أقرأ لكتاب الله من عبد الملك بن مروان. وروى الأعمش عن أبي الزناد أن فقهاء المدينة كانوا أربعة: سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وقبيصة بن ذؤيب
=

الصفحة 263