كتاب قسم من المعجم الأوسط للطبراني تحقيق ودراسة (اسم الجزء: 2)
الْقِيَامَةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالشُّحُّ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الشُّحُّ، حَتَّى سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ، وَقَطَعُوا أَرْحَامَهُمْ».
لذا قال الإمام الطبراني - رضي الله عنه -: لا يُرْوَى هذا الحديث عن الهِرْمَاسِ إلا بهذا الإسناد، تَفَرَّدَ به: أحمد بن نصرٍ. قلتُ: أي بهذه الزيادة - كما سيأتي بيانه -.
وقال الهيثمي: رواه الطبراني، وفيه عبد الله بن عبد الرحمن بن مُلَيْحة، وهو ضعيفٌ. (¬١)
وقال الألباني: ضَعيفٌ؛ لأجل عبد الله بن عبد الرحمن بن مُلَيْحة؛ قال الحاكم: "الغالب على رواياته المناكير ". وخَطَّأه عبد الرحمن بن مهدي في حديثين - كما ذكر الحافظ في " اللسان " -.
قلت (الألباني): ولعل أحدهما هذا الحديث؛ فقد خالفه أبو الوليد الطيالسي فقال: أخبرنا عكرمة بن عمار: قال: حدَّثني الهِرْمَاسُ بن زِيَاد البَاهِلِيُّ، قال: أَبْصَرْتُ رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِي مُرْدِفي وَرَاءَهُ عَلَى جَمَلٍ لَهُ، وَأَنَا صَبِيُّ صَغِيرٌ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ النَّاسَ عَلَى نَاقَتِهِ الْعَضْبَاءِ يَوْمَ الأَضْحَى بِمِنى. فمخالفته لهؤلاء في زيادته هذه الخطبة تدل على نكارتها.
وجاءت الخطبة عن جمع من الصحابة، منهم: جابر، وأبو هريرة، وابن عمرو، بدون حديث الترجمة. (¬٢)
• قلتُ: والحديث بدون هذه الزيادة، قد صَحَّ مِنْ طُرُقٍ أخرى كثيرة عن عكرمة بن عَمَّار، كما سبق بيانه.
• وأمَّا الزيادة التي في الحديث فقد صَحَّت مِنْ أحاديث أخرى، منها:
_ ما أخرجه الإمام مسلمٌ في "صحيحه" (٢٥٧٨)، ك/البر والصلة، ب/تحريم الظلم، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: «اتَّقُوا الظُّلْمَ، فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَاتَّقُوا الشُّحَّ، فَإِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، حَمَلَهُمْ عَلَى أَنْ سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ».
_ وأخرج ابن حبَّان في "صحيحه" (١٠٢٩)، بإسناد صحيحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُوعِ، فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخِيَانَةِ، فَإِنَّهَا بِئْسَتِ الْبِطَانَةُ».
رابعاً: - النظر في كلام المُصَنِّف - رضي الله عنه - على الحديث:
قال المُصَنِّف - رضي الله عنه -: لا يُرْوَى عن الهِرْمَاسِ إلا بهذا الإسناد، تَفَرَّدَ به: أحمد بن نصرٍ.
قلتُ: مِمَّا سبق في التخريج يَتَبَيَّن صحة ما قاله المُصَنِّف - رضي الله عنه -، مع العلم أنَّ مراد الطبراني: أي لا يُروى بهذا المتن - أي بطوله - عن الهِرْمَاس إلا بهذا الإسناد؛ وإلا فقد رواه جماعة عن عكرمة بن عَمَّار، لكن مُخْتصراً، بدون الزيادة التي تَفَرَّد بها ابن مُليحة، والله أعلم.
* * *
---------------
(¬١) يُنظر: "مجمع الزوائد" (٥/ ٢٣٥).
(¬٢) يُنظر: "السلسلة الضعيفة" (١٤/ ٣٦٧ - ٣٦٨/ برقم ٦٦٥٣).