كتاب قسم من المعجم الأوسط للطبراني تحقيق ودراسة (اسم الجزء: 1)

المبحث الخامس: جهود العلماء حول هذا الكتاب.
نظراً لعظم قدر الكتاب، وأهميته، وعلو مكانته، وعظيم قدر مُؤلِّفه، فقد حظي الكتاب بخدمة العلماء له على مَرِّ العصور، أذكر مِنْ ذلك ما استطعتُ الوقوف عليه، كما يلي:
١) تَتَبَّع الحافظ علاء الدين مُغْلَطاي - المُتوفى سنة ٧٦٢ هـ - قول الطبراني في "الأوسط": تَفَرَّد به فلان، في جزءٍ مُفْرَدٍ. قال ابن حجر: من مظان الأحاديث الأفراد "المسند" لأبي بكر البَزَّار، فإنَّه أكثر فيه من إيراد ذلك وبيانه، وتبعه الطبراني في "الأوسط"، ثم الدارقطني في "الأفراد"، وهو يُنَبِّئ على اطلاعٍ بالغٍ، ويقع عليهم التعقب فيه كثيرًا (¬١) بحسب اتساع الباع وضيقه، أو الاستحضار وعدمه، وأعجب من ذلك أن يكون المُتَابِعُ عند ذلك الحافظ نفسه، فقد تَتَبَّع العلامة مغلطاي على الطبراني ذلك في جزء مفرد. (¬٢)
٢) وقام الحافظ محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن زريق المقدسي - المُتوفى سنة ٨٠٣ هـ - بترتيب كتاب "المعجم الأوسط" على الأبواب، قال الحافظ ابن حجر: كتبه بخطٍ مُتْقنٍ حسنٍ جدًا. (¬٣)
٣) وقام الإمام الهيثمي - المُتوفى سنة ٨٠٧ هـ - بجمع زوائد المعجمين "الأوسط"، و"الصغير"، بأسانيدهما، على الكتب الستة، وترتيب تلك الأحاديث الزوائد على الكتب والأبواب، بدءً بكتاب الإيمان، وإنهاءً بكتاب الزهد، وجمع ذلك في كتابٍ سماه: "مجمع البحرين في زوائد المعجمين"، قال في مطلعه: قد رأيتُ "المعجم الأوسط"، و"المعجم الصغير" لأبي القاسم الطبرانيّ ذي العلم الغزير، قد حويا مِنْ العلم مالم يحصل لطالبه إلا بعد كشفٍ كبير، فأردت أن أجمع مِنْهُما كل شاردة إلى بابٍ مِنْ الفقه يَحسُنُ أن تكون فيه واردة، فجمعتُ ما انفرد به عن أهل الكتب الستة مِنْ حديثٍ بتمامه، وحديثٍ شاركهم فيه بزيادة عنده. (¬٤)
والكتاب طبعته مكتبة الرشد - بالرياض - في تسعة مُجلَّدات - بالفهارس -، الطبعة الأولى سنة ١٤١٣ هـ-١٩٩٢ م، بتحقيق د/عبد القدوس بن محمد نذير، فجزاه الله خير الجزاء.
٤) وكان الحافظ الهيثميّ - رضي الله عنه - قد جمع زوائد مُسْنَدِ الإمام أحمد، وأبي يعلى الموصليّ، وأبي بكر البَزَّار، ومعاجم الطبرانيّ الثلاثة، كل واحدٍ مِنْها في تصنيف مُسْتَقِل - ما خلا "المعجم الأوسط" و"الصغير" فإنَّهما في تصنيفٍ واحدٍ -، فأشار عليه شيخه زين الدين أبو الفضل عبد الرحيم بن العراقي، أن يجمع تلك التصانيف كلها في مُصَنَّفٍ واحدٍ، مع حذف أسانيدها، وترتيبها على الأبواب، فما كان مِنْ الهيثميّ إلا أن لبَّى رغبة شيخه، فقام بتأليف كتابه "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد"، ألَّفه كما أشار عليه شيخه، وحكم على
_________
(¬١) ويؤيّد ذلك ويشهد له كتاب "تنبيه الهاجد إلى ما وقع مِنْ النَّظر في كتب الأماجد" للشيخ الفاضل/ أبي إسحاق الحويني، تَتَبَّع فيه أوهام العلماء - رضي الله عنهم -، وأغلبها في الحكم على الأحاديث بالتَّفرُّد، وهو أمرٌ ظاهر لكل مَنْ طالع الكتاب، والله أعلم.
(¬٢) يُنظر: "النكت على ابن الصلاح" (٢/ ٧٠٨).
(¬٣) يُنظر: "لحظ الألحاظ بذيل طبقات الحفَّاظ" (ص/١٢٩)، "الضوء اللامع لأهل القرن التاسع" (٧/ ٣٠١).
(¬٤) يُنظر: "مجمع البحرين بزوائد المعجمين" (١/ ٤٥)، وقد استفدت مِنْ هذا الكتاب كثيرًا - كما هو واضحٌ في رسالتي -.

الصفحة 45