كتاب قسم من المعجم الأوسط للطبراني تحقيق ودراسة (اسم الجزء: 1)

٦) نافع مولى ابن عُمر: "ثِقَةٌ، ثَبْتٌ، فَقيهٌ، مَشْهور"، تَقدَّم في الحديث رقم (٢٩).
٧) عبد الله بن عُمر بن الخَطَّاب: "صحابيٌّ، جَليلٌ، مُكْثرٌ"، تَقدَّم في الحديث (٦).

ثالثاً: - الحكم على الحديث:
مِمَّا سبق يَتَبَيَّن أنَّ الحديث بإسناد الطَّبراني "ضعيفٌ جداً" مِن حديث عُمر بن الخطَّاب - رضي الله عنه -؛ لأجل يَزيد بن عبد الملك النَّوْفَلي "ضعيف الحديث جداً"، وقد انفرد به. وفي الإسناد أيضاً: ابنه يحيى ولا يُدْرى النكارة في حديثه منه أم مِنْ أبيه كما قال أبو حاتم؛ ولأنَّه ليس عنده إلا حديث أبيه، ولو كان عنده غير حديث أبيه لتبيَّن أمره كما قال الإمام أحمد؛ وعلى كل حال، فعامة أحاديثه غير محفوظة، كما قال ابن عدي.
وفيه أيضاً: عبد الله بن نافع "ضعيفٌ"، وانفرد به، ولم يُتَابعه عليه أحد مِن أصحاب نافعٍ.
قال الهيثمي: رَوَاهُ الطَّبرانيُّ في "الأوسط"، وفيه يَزِيدُ بن عَبْد الملك النَّوْفلِيُّ، ضَعَّفَهُ الجُمْهُورُ، وَوَثَّقَهُ ابن مَعِين في رِوَايَةٍ، وَضَعَّفَهُ في أخرى. (¬١)
شواهد للحديث: وقد صَحَّ المتن عن جماعة مِن الصحابة، غير عُمر بن الخَطَّاب - رضي الله عنه -، مِنْ ذلك:
ما أخرجه الإمام مسلمٌ في "صحيحه" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:
«خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا، وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا، وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا». (¬٢)
وقال الترمذي: وفي البَابِ عن جابر، وابن عَبَّاس، وأبي سَعِيدٍ، وأُبَيّ بن كَعْب، وعائشة، والعِرْبَاض بن سارية، وأنس - رضي الله عنهم -. وحديث أبي هُرَيْرة حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. (¬٣)
رابعاً: - النظر في كلام المُصَنِّف - رضي الله عنه - على الحديث:
قال المُصَنِّف: لا يُرْوَى عن عُمَرَ بن الخطَّاب إلا بهذا الإسناد، تفرَّد به: إبراهيمُ بن الْمُنْذِرِ.
قلتُ: ومِنْ خلال ما سبق في التخريج يتضح صحة ما قاله المُصَنِّف - رضي الله عنه -.

خامساً: - التعليق على الحديث:
قال الإمام النَّووي: أمَّا صُفُوفُ الرِّجال: فهي على عُمُومها فخيرها أوَّلُها أبدًا وشرُّها آخِرُها أبدًا.
أمَّا صُفُوف النِّساء: فالمُراد بالحديث صُفُوفُ النِّساء اللواتي يُصَلِّين مع الرِّجال، وأمَّا إذا صليْن مُتميِّزاتٍ لا مع الرِّجال فهنَّ كالرِّجال خَير صُفُوفهنَّ أوَّلها وشرُّها آخرُها.
والمُرادُ بِشرِّ الصُّفوف في الرِّجال والنِّساء: أقلّها ثوابا وفضلًا، وأبعدها مِنْ مطلوب الشَّرْعِ، وخيرها بعكسه.
وإنَّما فُضَّل آخر صُفُوف النِّساء الحاضرات مع الرِّجال: لِبُعْدِهِنَّ مِنْ مُخالطة الرِّجال ورؤيتهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماعِ كلامهم ونحو ذلك، وذمَّ أوَّلَ صُفُوفِهِنَّ لعكس ذلك. واعْلم أنَّ الصَّفَّ الأوَّل
---------------
(¬١) يُنظر: "مجمع الزوائد" (٢/ ٩٣).
(¬٢) أخرجه الإمام مسلمٌ في "صحيحه" (٤٤٠) ك/الصلاة، ب/تسوية الصفوف وإقامتها، وفضل الأول فالأول منها.
(¬٣) يُنظر: "سنن الترمذي" عقب الحديث رقم (٢٢٤).

الصفحة 646