كتاب الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (اسم الجزء: 1)
قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة: 6] إِلَى قَوْلِهِ {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [النساء: 43] الْآيَةَ، وَقَالَ: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ، وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: 48] ، وَقَالَ: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسُ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} [الأنفال: 11] ، وَقَالَ: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} [البقرة: 22] . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ الشَّافِعِيُّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ قَوْلَهُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة: 6] الْآيَةَ: فَكَانَ بَيِّنًا عِنْدَ مَنْ خُوطِبَ بِالْآيَةِ أَنَّ غُسْلَهُمْ إِنَّمَا كَانَ بِالْمَاءِ، ثُمَّ أَبَانَ اللهُ فِي الْآيَةِ أَنَّ الْغُسْلَ بِالْمَاءِ، وَكَانَ مَعْقُولًا عِنْدَ مَنْ خُوطِبَ بِالْآيَةِ أَنَّ الْمَاءَ مَا خَلَقَ اللهُ مِمَّا لَا صَنْعَةَ فِيهِ لِلْآدَمِيِّينَ. وَذَكَرَ الْمَاءَ عَامًّا فَكَانَ مَاءُ السَّمَاءِ، وَمَاءُ الْأَنْهَارِ، وَالْآبَارُ، وَالْقِلَاتِ، وَالْبِحَارِ الْعَذْبِ مِنْ جَمِيعِهِ، وَالْآجَاجِ سَوَاءً فِي أَنَّ مَنْ تَوَضَّأَ بِهِ أَوِ اغْتَسَلَ بِهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا حَمْلُ الْمِيَاهِ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّافِعِيُّ، فَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَ كُلِّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ وَلَقِيتُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْمُتَطَهَّرَ بِهِ يَجْزِي إِلَّا مَاءَ الْبَحْرِ، فَإِنَّ فِيهِ اخْتِلَافًا وَأَخْبَارًا عَنْ بَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ.
الصفحة 246