كتاب الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (اسم الجزء: 3)

فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ رَجُلًا قَائِمًا وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ عَلَى جِذْمَةِ حَائِطٍ، فَأَذَّنَ مَثْنَى وَأَقَامَ مَثْنَى , وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أَنَّ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يُؤَذِّنَ وَهُوَ قَائِمٌ إِلَّا مِنْ عِلَّةٍ، فَإِنْ كَانَتْ بِهِ عِلَّةٌ فَلَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ جَالِسًا، وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي زَيْدٍ صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ رِجْلُهُ أُصِيبَتْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَنَّهُ أَذَّنَ وَهُوَ قَاعِدٌ. وَقَالَ عَطَاءٌ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَا يُؤَذِّنُ جَالِسًا إِلَّا مِنْ عِلَّةٍ. وَكَرِهَ الْأَذَانَ قَاعِدًا مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ: يُؤَذِّنُ وَهُوَ جَالِسٌ مِنْ عِلَّةٍ وَغَيْرِ عِلَّةٍ، وَالْقِيَامُ أَحَبُّ إِلَيَّ
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فِي السَّفَرِ لِلصَّلَوَاتِ كُلِّهَا، خِلَافَ قَوْلِ مَنْ قَالَ: لَا يُؤَذَّنُ فِي السَّفَرِ إِلَّا فِي الْفَجْرِ خَاصَّةً
1206 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْمُهَاجِرِ أَبِي الْحَسَنِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: " كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسِيرِ فَأَرَادَ بِلَالٌ أَنْ يُؤَذِّنَ لِلظُّهْرِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَبْرِدْ» ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَبْرِدْ» ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم «أَبْرِدْ» ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ فَقَالَ لَهُ ابْرِدْ حَتَّى رَأَيْنَا فَيءَ التُّلُولِ، قَالَ: ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ: «إِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَإِذَا -[47]- اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالِكَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ وَصَاحِبَهُ بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فِي السَّفَرِ، وَأَمَرَ بِلَالًا يَوْمَ خَرَجُوا مِنَ الْوَادِي بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فَمِنَ السُّنَّةِ أَنْ يُؤَذِّنَ الْمُؤَذِّنُ إِذَا كَانُوا فِي جَمَاعَةٍ فِي السَّفَرِ وَيُقِيمَ لِكُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ , فَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَرَى الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ فِي السَّفَرِ سَلْمَانُ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، وَابْنُ سِيرِينَ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ

الصفحة 46