كتاب الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (اسم الجزء: 4)

1736 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ «أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، أَقَامَ بِنَيْسَابُورَ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ، وَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يُسَلِّمُ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَلَا يَجْمَعُ» وَمِمَّنْ قَالَ لَيْسَ عَلَى الْمُسَافِرِ جُمُعَةٌ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: إِذَا سَمِعَ الْأَذَانَ فَلْيَشْهَدِ الْجُمُعَةَ وَقَدِ اخْتُلِفَ عَنْهُ، وَكَانَ النَّخَعِيُّ يَقُولُ: لَيْسَ لِمَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ وَالْجَمَاعَةَ عُذْرٌ، إِلَّا خَائِفٌ أَوْ مَرِيضٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَعَلَّ مِنْ حُجَّةِ مَنْ يَقُولُ: عَلَى الْمُسَافِرِ الْجُمُعَةُ ظَاهِرُ قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ} [الجمعة: 9] الْآيَةَ، فَيَقُولُ: عَلَى كُلِّ حُرٍّ بَالِغٍ الْجُمُعَةُ، إِلَّا حُرًّا أَزَالَ عَنْهُ الْجُمُعَةَ كِتَابٌ، أَوْ سُنَّةٌ، أَوْ إِجْمَاعٌ، وَمِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ فِي إِسْقَاطِ الْجُمُعَةِ عَنِ الْمُسَافِرِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ مَرَّ بِهِ فِي أَسْفَارِهِ جُمَعٌ لَا مَحَالَةَ، فَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّهُ جَمَعَ وَهُوَ مُسَافِرٌ، بَلْ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ بِعَرَفَةَ وَكَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَدَلَّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ عَلَى أَنَّ لَا جُمُعَةَ عَلَى الْمُسَافِرِ؛ لِأَنَّهُ الْمُبَيَّنُ عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مَعْنَى مَا أَرَادَ بِكِتَابِهِ، فَسَقَطَتِ الْجُمُعَةُ عَنِ الْمُسَافِرِ -[21]- اسْتِدْلَالًا بِفِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا كَالْإِجْمَاعِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ الزُّهْرِيَّ مُخْتَلَفٌ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ، وَحَكَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا جُمُعَةَ عَلَى الْمُسَافِرِ، وَإِنْ سَمِعَ الْمُسَافِرُ أَذَانَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ فِي بَلَدِ جُمُعَةٍ فَلْيَحْضِرْ مَعَهُمْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَوْلُهُ: فَلْيَحْضِرْ مَعَهُمْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ اسْتِحْبَابًا، وَلَوْ أَرَادَ غَيْرَ ذَلِكَ كَانَ قَوْلًا شَاذًّا خِلَافَ قَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَخِلَافَ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ

الصفحة 20