كتاب الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (اسم الجزء: 4)

رَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الَّذِينَ دَخَلُوا فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ بِالْإِشَارَةِ، وَالْإِشَارَةُ تَحْسُنُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ، فَإِنْ لَمْ يَفْهَمْ عَنْهُ سَبَّحَ بِهِ؛ لِأَنَّ التَّسْبِيحَ لَمَّا جَازَ فِي الصَّلَاةِ يَفْهَمُ بِهِ الْمُصَلِّي مَنْ سَبَّحَ بِهِ، كَانَ ذَلِكَ فِي الْخُطْبَةِ أَجَوْزَ، يَفْهَمُ بِهِ مَنْ سَبَّحَ بِهِ، فَأَمَّا الرَّمْيُ بِالْحَصَا وَمَسُّهُ، فَلَسْتُ أَرَاهُ إِذَا كَانَ الْإِمَامُ يَخْطُبُ؛ لِأَنَّ فِي الرَّمْيِ بِهِ أَذًى لِلْمَرْمِيِّ بِهِ، وَمَسُّهُ مَكْرُوهٌ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «وَمَنْ مَسَّ الْحَصَا فَقَدْ لَغَا» ، وَقَدْ ذَكَرْتُ إِسْنَادَهُ فِيمَا مَضَى
ذِكْرُ إِنْصَاتِ مَنْ لَا يَسْمَعُ الْخُطْبَةَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْكَلَامِ وَالْمُتَكَلِّمُ لَا يَسْمَعُ الْخُطْبَةَ، فَرَأَتْ طَائِفَةٌ الْإِنْصَاتَ سَمِعَ الْخُطْبَةَ أَوْ لَمْ يَسْمَعْهَا، كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ يَقُولُ: لِلْمُنْصِتِ الَّذِي لَا يَسْمَعُ مِنَ الْحَظِّ مِثْلُ مَا لِلسَّامِعِ الْمُنْصِتِ. وَرَأَى ابْنُ عُمَرَ رَجُلًا يَتَكَلَّمُ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَرَمَاهُ بِحَصًى، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى فِيهِ. وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ: إِذَا رَأَيْتَ الشَّيْخَ يَتَكَلَّمُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَاقْرَعْ رَأْسَهُ بِالْعَصَا. وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا كَانَا يَكْرَهَانِ الصَّلَاةَ وَالْكَلَامَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ خُرُوجِ الْإِمَامِ
1811 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أنا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، كَانَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ، قَلَّ مَا يَدَعُ ذَلِكَ إِذَا خَطَبَ: «إِذَا قَامَ الْإِمَامُ فَخَطَبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَاسْمَعُوا وَأَنْصِتُوا، فَإِنَّ لِلْمُنْصِتِ الَّذِي لَا يَسْمَعُ مِنَ الْحَظِّ -[70]- مِثْلَ مَا لِلسَّامِعِ الْمُنْصِتِ»

الصفحة 69